التخطي إلى المحتوى

في نهائي كأس العالم 1930، النسخة الأولى على الإطلاق للمونديال، انتهى الشوط الأول بتأخر أوروجواي صاحبة الأرض أمام جارتها وغريمتها التاريخية الأرجنتين.

راقصو التانجو تقدّموا بهدفين مقابل هدف واحد بعد الـ 45 دقيقة الأولى، لكن كل ذلك سيتغيّر في الشوط الثاني.

في ملعب المئوية بالعاصمة مونتيفيديو، حقق منتخب أوروجواي عودة رائعة وسجّل 3 أهداف وخرج منتصرًا 4-2 وفائزًا بأول كأس عالمية على الإطلاق.

لكن، ما علاقة ذلك بكرة كأس العالم؟

الواقع أن نسخة 1930 هي الوحيدة في كأس العالم التي لم تمتلك كرة رسمية موحدة.

كل منتخب كان منوطًا بتوريد كرة مطابقة للمواصفات، على أن يُلعَب كل شوط بكرة أحد المنتخبين.

في النهائي، بدأ المباراة بكرة الأرجنتينيين التي سُميّت تينتو Tiento، فأعطى ذلك أفضلية لأصحابها.

لكن في الشوط الثاني، ومع دخول كرة تي مودل T-Model الخاصة بأوروجواي، تغيّر الوضع خصوصًا أنها كانت كرة أكبر حجمًا وأثقل وزنًا.

بدايةً من النسخة التالية، 1934، اختفت تلك الأفضلية، وظهرت كرة فيديرالي 102 التي صُنعت في روما، وركلتها الأقدام المصرية وأرسلها عبد الرحمن فوزي إلى الشباك المجرية في مناسبتين.

وظل الكرات في تغيُر مستمر من حيث الشركة المصنعة والشكل العام، حتى بدأت حقبة جديدة في كأس العالم 1970 عندما أنتجت شركة أديداس كرة تيلستار Telstar، وهي أول كرة ذات الطبقات البيضاء والسوداء الكلاسيكية الشهيرة.

ما حدث لاحقًا أن أديداس لم تكف عن إنتاج كرات كأس العالم إلى يومنا هذا، وآخر إصدارتها هي كُرة “الرحلة” التي ستُستخدم في مونديال قطر، وهي أول كرة تحمل اسمًا عربيًا في تاريخ المسابقة.

وبالتالي، فللنسخة رقم 14 على التوالي، كان مصممو أديداس مطالبين بعصف ذهني هائل لإبهار العالم كما اعتادوا كل 4 سنوات.

الرحلة

في بلد عربي يُعرَف بصحرائه الخلابة، فإن الرحلة لن تكون عبر الرمال الصفراء هذه المرة، وإنما من خلال العشب الأخضر.

وتعد كُرة مونديال قطر صديقة للبيئة، إذ تم تصنيعها بواسطة أحبار ومواد لاصقة مائية.

يقول أوليفر هانداكر مدير تطوير صناعة كرة القدم: “أتذكر عندما كنت طفلًا خلال كأس العالم 1978، وظهر ذلك الطفل الذي امتلك كرة “تانجو” الخاصة بتلك النسخة من المونديال، ورغب كل الأطفال في ركل الكرة ولو لمرة واحدة واللعب بها، وأعتقد أنني أدركت في تلك اللحظة قوة وأهمية الكرة”.

الأسرع

مثلما أرعبت “جابولاني” حراس المرمى في مونديال 2010 بسرعتها الفائقة ودورانتها الغريبة، فإن الرحلة قد تأتي بانطباع مشابه.

مصممو أديداس قرروا إطلاق كرة قدم سريعة تتماشى مع النسق العالي للعبة، لكنها أيضًا تتحلى بدقة عالية في الهواء وهو ما يميزها عن الكرات السابقة.

ويقول هانداكر مدير التطوير في أديداس: “لقد اختبرنا الكرة بشكل مكثف حول العالم، وأعتقد أن أفضل رد فعل حصلنا عليه كان عدم رغبة اللاعبين في إعطائنا الكرة مجددًا، لقد أعجبوا بها، الكرة تفعل ما يرغبون في تنفيذه”.

وبدأ العمل على الكرة منذ لحظة تتويج فرنسا بكأس العالم 2018، إلى أن تم إطلاقها رسميًا في نهاية مارس الماضي خلال مباراة استعراضية في الدوحة بين مجموعة من نجوم كرة القدم السابقين وعلى رأسهم إيكر كاسياس وريكاردو كاكا.

تكنولوجيا هائلة

ليست مجرد كرة لراحة اللاعبين، وإنما لراحة الحكام أيضًا، لأنها تحتوي على مستشعرات حركة تتبع كل لعبة بمعدل 500 هرتز في الثانية.

هذه المستشعرات تساعد على جمع بيانات حركة الكرة بدقة عالية ونقلها فورًا لحكام تقنية الفيديو، وبالتالي إمكانية تطبيق نظام التسلل نصف الآلي.

وقد تم اختبار تلك التقنية في كأس العرب 2021، وكأس العالم للأندية 2022، وكذلك في مجموعة من بطولات البراعم والناشئين حول العالم.

تصميم فريد

التصميم مقتبص من الثقافة والهندسة المعمارية القطرية، والمراكب الأيقونية، والعلم العنابي، وكذلك الرسومات التي تمثل الكثبان الرملية.

وأشرفت فرانسيسكا لوفلمان مديرة تصميم وجرافيكس كرة القدم في شركة أديداس على العملية منذ بدايتها

لوفلمان التي تعمل في أديداس منذ حوالي 10 سنوات، ساهمت في تصميم كرة برازوكا الخاصة بمونديال 2014، وكُرة تيلستار 18 الخاصة بمونديال 2018.

تقول لوفلمان: “الكرة سريعة، هذا صحيح، ولكنك سترغب أيضًا في أن ينعكس ذلك على شكلها الخارجي. الألوان أيضًا تنبثق من طبيعة دولة قطر: غروب الشمس في الصحراء، الدرجات الحمراء والصفراء التي تعمي عقلك، وكذلك الألوان الزرقاء للمحيط الذي نريد حمايته، ومع أخذ عامل سرعة الكرة في الاعتبار، فإن هذا المزيج كفيل بتفجير المشاعر”.

Scan the code