التخطي إلى المحتوى

نوف الموسى (دبي)

أن تبحث عن تطور الخطوط البسيطة، واتساقها مع السياقات القصصية، ضمن مشاهد زمنية، يقودها انضباط فني من خلال الممارسة اليومية للفنان، هي فعلياً كما يتصورها محمد الشيباني فنان كُتبْ رسوم مصورة إماراتي والمخرج الإبداعي بشركة «SANDSTORM» المختصة بالقصص المصورة في دولة الإمارات، رحلة نحو احترافية رسم الفكرة العميقة في القصة المصورة بأبسط حركة ممكنة، إنها لحظة آنية لتطور طريقة رواية القصص.

  • محمد الشيباني

من خلال متعة التكثيف الشعوري لتعابير الجسد الإنساني، الذي يمثل في «القصة المصورة» المُحرك لسريان الفكرة ومهمة إيصالها للمتلقي، والتي بطبيعتها تمرر مشاهد جزئية، من شأنها أن تعزز مخيال المشاهد بتجاه استكمال القصة عبر تصوراته المتفردة، وبذلك يكون لكل قصة مصورة عالم موازي يبنيه المطلع على التجربة البصرية، ويُلهم المجتمعي الفني والثقافي، الذي اعتبره الفنان محمد الشيباني جزءاً أصيلاً من الفعل الإبداعي في عالم القصص المصورة. فمن خلال عمله في شركة «SANDSTORM»، التي تأسست في العاصمة أبوظبي، ضمن مشروع استراتيجي يدعم الصناعات الثقافية والإبداعية، يعمل الفنان محمد الشيباني على إتاحة أكبر فرصة ممكنة لصناع المحتوى، منهم كتاب ورسامون مبتدئون وحتى القراء أنفسهم، بتقديم مشاريعهم الأولية، ومحاولة تطويرها ودعمها مادياً، عبر استقطاب مبدعين محترفين في تخصصات مختلفة سواء الرسم والكتابة والتلوين لدعم هذه الأعمال الناشئة، وصولاً إلى بناء فضاء تفاعلي مستدام، يضمن استمرارية المنتج الإبداعية في مرحلة الإنتاج، مروراً بسوق مجلات القصص المصورة، وصولاً إلى القارئ والناقد الفني.
يوضح الفنان محمد الشيباني أن علاقته مع سيناريو القصص تكون عميقة إذا كتبها بنفسه، محاولاً التأكيد على أن يشمل النص عدداً من الرسومات الكافية، التي لا يحتاج فيها المشاهد للقراءة حتى يكتشف موضوع القصة، متقمصاً على المستوى الفكري، موقف الشخصيات في داخل النص، بأن يضع نفسه مكانها، ويختبر كيف يمكن أن تتعامل مع الصعوبات التي تواجها، ومحاولة رسمها، أكثر من مرة، وبجهات مختلفة، وأحياناً بين أعلى وأسفل الصفحة، وبترتيب مغاير، يتعمد فيها تلك الدقة التي قد تكون معقدة جداً، ولكنها بالمقابل تحدث نقلة استثنائية، قد تؤثر في حياة شخص ما قد يطالع القصة المصورة، فبالنسبة له، عندما كان يمر بمرحلة صعبة من حياته، أنقذته مجلة لقصة مصورة جلس يرسم محتواها، مبيناً أنه رغم بساطة فكرة القصة حينذاك، إلا أن عمق تفاصيل الرسم فيها أهداه بعداً جديداً.
 ويلفت الشيباني إلى أن لدى «القصة المصورة» قدرة هائلة على أن تُلهم المتلقي، من الصغار واليافعين والراشدين ولو للحظة عابرة، وتجعلهم يدخلون إلى عوالم عديدة في دقائق معدودة: «أُعبر عن نفسي من خلال القصص المصورة، فيها تتجسد اهتماماتي بالأثر الإنساني، الذي تستطيع القصة إحداثه بخفة ساحرة، ويعود الفضل في ذلك لوالدتي المحبة للقراءة، وخاصةً الأدب الروسي، المليء بالتجارب الإنسانية، وعلاقة الإنسان بنفسه والطبيعة، وليس هناك نهاية أو مفتاح للقصة المصورة، ولكنك تعمل وترسم على الدوام، وتعيد العمل مجدداً، حتى تبني نوعاً من أمل وفسحة ومتعة، تُسهم في جعلنا مستمرين ونتفاعل مع تجارب الحياة ونطورها». 

السرد البصري
شارك الفنان محمد الشيباني في مشروع تعاوني «كورنيش» بأجزائه الأربعة التابع لمؤسسة الشارقة للفنون، وهو عبارة عن سلسلة قصص مصورة ومختارات كوميدية تجمع مشاريع لفنانين ورسامين مقيمين في دولة الإمارات العربية، وفيما يتعلق بالأسلوب، وأبعاد النقد الفني في مجال القصة المصورة، أشار الفنان محمد الشيباني إلى محورين، أولهما النقد المرتبط بالتناسق بين الرسم والقصة، فمثلاً جسد بطل القصة ومقاساته، وهنا يتناول تقنيات الرسم التقليدي، ثانيهما فلسفة التعبير عن الفكرة، بأحسن طريقة على سطح الورقة، فلا مجال للغموض والغرابة، فالتوضيح مهم في السرد البصري للقصة المصورة، وجميعها نقاط محورية تنقلنا كما يوضح الفنان محمد الشيباني إلى حاجة المبدعين إلى توسيع آفاقهم الداخلية.

 

Scan the code