التخطي إلى المحتوى

جلسة استعراضية تلفزيونية عقدها مجلس النواب لمناقشة موازنة 2022، بعد مرور 9 أشهر من بداية العام، انتهت بإعلان رئيس مجلس النواب نبيه بري رفعها إلى الساعة الثانية والنصف من بعد ظهر غد الجمعة.


الجلسة المؤجلة ليوم واحد بسبب تزامنها أمس مع ذكرى اغتيال الرئيس الشهيد بشير الجميل، لم تشبه الجلسات السابقة للمجلس التي كانت تشهد نقاشات ومشاحنات بين النواب حول قانون أو مادة معينة بين من يؤيدها أو من يعارضها، إنما كانت جلسة رتيبة من حيث الشكل بدا واضحاً فيها أن لا أحد يناقش موازنة بشكل جدّي، إنما يتوجه إلى ناسه وجمهوره عبر الشاشة الصغيرة، مدعياً الدفاع عن الناس والحقوق.


في القاعة العامة لمجلس التي عجت بالنواب صباح اليوم بحضور الأغلبية العظمى منهم، ما لبثت أن فرغت تباعاً، بعد ساعتين، نظراً لرتابة الخطابات وطولها، وحتى في فترة الحماس والحضور، لوحظ أن اغلبية الموجودين لا يستمع أحدهم إلى الآخر، فمنهم من أحضر حاسوبه الخاص وانهمك بعمله الخاص، آخر تنقل بين زملائه وأقام جلسات مسامرة طويلة، والأغلبية انهمكت بهواتفها الخلوية، من رئيس الحكومة إلى أغلبية الوزراء حتى النواب.

 

الرفض والجلد للموازنة كان القاسم المشترك بين المتحدثين الكثر، في الجلستين المطولتين للمجلس، والتركيز الأساس للنواب كان على رفض الضرائب الجديدة بالإضافة إلى عدم تحديد سعر صرف موحد والاختلاف على الدولار الجمركي ورميه على مجلس النوب لتحديد سعر محدّد.

 


وبدأت الجلسة الصباحية على وقع اعتراض نائب “التيار الوطني الحر” جورج عطالله على حضور السفيرة الأميركية لجلسة المجلس السابقة في تموز الماضي، والذي اعتبرها تدخلاً في الشؤون الداخلية وأن حضورها غير مستحب، وفيما لم يجب بري على مداخلة عطالله امتعض النائب آلان عون من تصريح زميله، ولاحظ النواب في القاعة تأنيب عون لزميله بطريقة غاضبة بدت لافتة.

 

وبعدها تلا رئيس لجنة المال والموازنة تقرير لجنته منتقداً الموازنة  ومعتبراً أن “الرؤية الاقتصادية والاجتماعية تغيب عنها في ضوء ارتفاع معدل البطالة، وانخفاض نسبة النمو، وتدني نسبة الاعتمادات المخصّصة للنفقات الاستثمارية، لاسيّما في ضوء إرجاء ثمانية عشر قانون برنامج كلياً بما يعادل أكثر من /1.806/ مليار ليرة لبنانية”.

 

وأشار كنعان إلى أن “إرجاء اعتمادات الدفع لقوانين البرامج يؤدّي إلى توقف عن تنفيذ المشروع، وإرجاء الاستفادة منه وإمّا أن المتعهد يستمر في تنفيذ المشروع، فتترتب له مستحقات ومنازعات مع الدولة وإمّا أن المتعهد يتوقف عن تنفيذ المشروع بحجة عدم توفر الاعتمادات ما يؤدّي إلى مطالبته ببدل عطل وضرر”.


ولفت إلى أن “الواردات المقدرة بأكثر من 39 ألف مليار ليرة لبنانية غير واقعية في ضوء حالة الانكماش التي يعاني الاقتصاد اللبناني منها منذ عدة سنوات، والتي تفاقمت من جراء أحداث السابع عشر من شهر تشرين الأول 2019 وجائحة كورونا وانفجار مرفأ بيروت، والانخفاض الهائل في سعر صرف العملة الوطنية”.


وأضاف: “إن السيناريوهات المعدة من وزارة المال لأسعار الصرف ما بين 12 ألف و16 ألف و20 ألف لن تؤمن الواردات المطلوبة ما يفقد الموازنة التوازن لأن الواردات لا تكفي حتى لتغطية الرواتب والأجور والمساهمات المخصّصة للرواتب والأجور والمنافع الاجتماعية وخدمة الدين”.


هذا واعتبر كنعان أن “لجنة المال والموازنة، وانطلاقاً من مبدأ الاختيار ما بين السيء والأسوأ، قد قرّرت نقل الواقع إلى الهيئة العامة، أي عدم البت بمشروع الموازنة لجهة النفقات والواردات وبعض مواد مشروع القانون ورفعه إلى الهيئة، لأن الأسوأ، أيّ عدم رفع المشروع إلى الهيئة وإتاحة المجال لها لاتخاذ القرار المناسب، كان سيؤدّي إلى استمرار الإنفاق على أساس القاعدة الاثنتي عشرية”. 

 

 

وبعد كنعان تتالت الكلمات التي بمجملها انتقدت الموازنة، بأغلبية ما جاء فيها،  فدعا النائب آلان عون إلى العودة التدريجية لإعادة النظر بين الإيرادات والنفقات والعجز بشكلٍ جذري ونهائي، ووقف طبع العملة، لافتاً إلى أننا نعيش أكبر انهيار اقتصادي مالي شهده لبنان والعالم، والمطلوب من الموازنة أن تُحاكي الواقع، لأنّ التدحرج المتدرّج يؤدّي إلى تغيير الأرقام، وبالتالي إعادة النظر بالموازنة.


أمّا النائب محمد رعد، الذي ربط التعاطي مع هذه الموازنة بالرؤية العامة لوضع البلد النقدي والمالي، وهو في أسوأ حاله، لافتاً إلى أن أرقام الموازنة تكشف عمق الأزمة الخانقة التي نعيشها.


وطالب النائب جميل بردّ مشروع الموازنة للحكومة والاستمرار باعتماد القاعدة الإثني عشرية، والبدء بالعمل لمشروع موازنة 2023، مع فرض الوزراء ضرائب نوعية عبر قرارات تصدر عنها كالذي اعتمده وزير الاشغال العامة علي حمية عبر فرض ضرائب بالدولار في المرفا وفي المطار.

وتحدثت النائبة بولا يعقوبيان عن الموازنة، مشيرةً إلى أنها لعبة أرقام لا تستند إلى خطة”، مشدّدةً على أن “هذه الموازنة “تركيب طرابيش”، وإكتملت معنا بوجود 24 سعر صرف داخلها، ما يعني رمي الحكومة لمسؤولياتها حول تحديد الأرقام الفعلية”.


وتوجّهت يعقوبيان لرئيس مجلس النواب نبيه برّي، وقالت له “سيدي الرئيس منسمع إنو صرلك 6 سنين ناطر هل أيلول، فيه كتير غيرك كمان ناطرين إنتخاب رئيس”. وأضافت: “ماذا تنتظرون لتحديد جلسة لانتخاب الرئيس؟”.

 

فأجابها برّي: “هذه صلاحيتي وانا أقدّر، عندما يكون هناك شيء من التوافق سوف أدعو إلى جلسة”.


ورأى بري أن المغامرة أن ندخل الى المجلس وأن لا يكون هناك توافق ويكون هناك تفرق، مشدّداً على أن التروي مطلوب في هذا الموضوع، مؤكّداً أننا نريد شيئاً من التوافق عندها سوف تجدونني أحدّد جلسة فوراً.


وهنا علّق  النائب شربل مارون على كلام يعقوبيان، وقال: “ماذا لديك غير الرئيس، وما هي خطتها للقادم غير البكاء؟”، فردّت عليه: “بدي اتركلك الضحك، بهل إيام ما فيه غير تعاسة وبكي للاسف، خبرنا شي جديد لما تطلع”. فجاوب يعقوبيان: “ما هي إنجازات الثورة منذ 3 سنوات؟”، ليرد مارون بالقول: “هناك فرق بين الاعتراض والفوضى وعليكم التوقف فوراً عن الاستثمار بدماء الناس والشهداء”.


وساند النائب سليم عون زميله سائلاً يعقوبيان: “خبرينا وين كنتي ومنين جايي”.


بدوره اعتبر النائب جورج عدوان أن الموازنة التي تجري مناقشتها شكليّة وكل الأوصاف المتبقية عنها في غير محلها.

 

وفي مداخلته من مجلس النواب، قال: “لا يجب تحميل المجلس النيابي أوزار عدم ممارسة مسؤولية غيره كما يجب”، مشيراً إلى أن “الحكومة تتلهّى بكلّ شيء إلّا بوضع خطّة شاملة إصلاحيّة ماليّة اقتصاديّة”.


ورأى أن أعظم خطّة من دون دولة لتنفيذها “ما إلها معنى” ولا توصلنا إلى أيّ مكان متمنياً تحديد جلسات نقاش عامّة تُطرح فيها خطّة التعافي. 


وبعدما طالب عدوان ميقاتي بنشر ورقة التعافي الاقتصادي، رد رئيس حكومة تصريف الأعمال عليه ممتعضاً أنه أرسلها الى النواب، لكن يبدو أن عدوان لم يقرأها، فأجابه أنه فعل ذلك لكنه “ليت لم يقرأها”.


وختم عدوان مداخلته بالقول: “نحن كتكتل “جمهورية قوية” لن نوافق على موازنات من هذا النوع ولا على آلية عمل من هذا النوع”.


وما لم يقله عدوان قالته زميلته التي بدورها هاجمت الموازنة و”حزب الله” من دون أن تسميه، من باب التهريب والتهرب من الضرائب.


وفي الجلسة المسائية، تحدث النائب نعمة أفرام معتبراً أن القنبلة النووية التي أطاحت باقتصادنا بسبب العجز ها نحن بصدد تحضير أخرى شبيهة لها. 

 

وشدّد على أن “جيل سرق أولاده وأحفاده عندما عشنا ترف الدولار بـ1500 ليرة ولم نحفّزهم على العمل والإنتاج”، مؤكداً أن الوقت حان لتكون الموازنة النموذج الاقتصادي الصحيح للأجيال القادمة المبني على ثقافة الانتاج والعمل والذي لا يقبل أن يصرف أكثر ممّا ينتج”.


وبدت لافتة كلمة رئيس “حزب الكتائب” النائب سامي الجميل الذي سأل: “بربّكم عن أي موازنة نتكلّم والبلد منهار؟”.


كما توجّه لرئيس مجلس النواب نبيه بري قائلاً: “لن أناقش الموازنة، لا بل من المفيد أن تدعو دولة الرئيس غدًا لجلسة انتخاب، لننتخب رئيساً جديداً للجمهورية ولتتشكل حكومة جديدة تتحمّل المسؤولية وتضع خطة إنقاذ”.


وتابع: “نحن نقيّم الإنفاق على أيّ سعر صرف؟ كيف نضع موازنة من دون توحيد سعر الصرف؟”، مضيفاً “ضعوا موازنة بالدولار وأريحونا”.


وختم الجميّل مطالبًا بانتخاب رئيس جمهورية جديد وحكومة ووزراء من أهم الاختصاصيين ليضعوا خطة متناسقة للإنقاذ، وإلّا فنحن نضيّع وقت اللبنانيين والأخطر من ذلك أنه إذا أُقرت هذه الموازنة بعد كل ما قيل فستحتاجون لمعالجةٍ طبية لأنه سيكون هناك انفصامٌ بالشخصية لدى بعض من في المجلس”.

 

(الصور بعدسة الزميل حسام شبارو)

 

 

تحرّكات في ساحة النجمة بعدسة الزميل حسن عسل: 

 

Scan the code