التخطي إلى المحتوى

وكانت صور ظهرت، الأسبوع الماضي، لجثة سوري محتجز قيد استجواب، تصدرت وسائل الإعلام اللبنانية، وتبعها تسجيل مصور لطبيب شرعي يجري تقييماً للجثة التي كانت مغطاة بجروح وكدمات. وتم تحديد هوية الجثة في ما بعد واتضح أنها لشخص يدعى بشار عبد السعود (30 عاماً) وهو لاجئ سوري فر من بلده الذي مزقته الحرب، العام 2014.

وقالت هبة مرايف مديرة قسم الشرق الاوسط وشمال إفريقيا في منظمة العفو الدولية “أمنستي”: “لضمان الشفافية والحياد، يجب إحالة قضية عبد السعود على وجه السرعة إلى محكمة مدنية. أسرته تستحق العدالة والتعويض عن خسارتهم المأساوية”، حسبما نقلت وكالة “أسوشييتد برس”.

وبحسب محامي عبد السعود، فإن ضباطاً من جهاز أمن الدولة اللبناني اعتقلوا اللاجئ السوري من منزله في مخيم للاجئين الفلسطينيين في بيروت الأسبوع الماضي، قبل الاتصال بأسرته بعد أربعة أيام ليطلبوا منهم استلام جثمانه. وقال جهاز أمن الدولة في بيان صحافي أن عبد السعود اعتقل لحيازته ورقة عملة مزورة بقيمة خمسين دولاراً، واعترف خلال الاستجواب بأنه مقاتل تابع لتنظيم “داعش”. ونفى محامي أسرة الضحية الاتهامات.

وكانت مديرية أمن الدولة اللبنانية وعدت بادئ الأمر بإجراء تحقيق داخلي قبل أن تحال القضية إلى محكمة لبنان العسكرية. وبحسب “أمنستي” فإن مفوض الحكومة في المحكمة العسكرية اللبنانية أمر باعتقال خمسة من عناصر أمن الدولة من الفرع الذي احتجز عبد السعود في جنوب لبنان.

وأصدرت مديرية أمن الدولة بياناً ثانياً، مطلع الأسبوع، طالبت فيه وسائل الإعلام بعدم بث أخبار متعلقة بالموضوع. وقالت في بيانها: “تكرر المديرية مجدداً طلبها إلى وسائل الإعلام على اختلافها، عدم بث أخبار تتعلق بها، تهدف إلى إثارة الفتنة وتحريك الغرائز، بخاصة في هذه الظروف الدقيقة التي يمر بها لبنان”.

ولم يعقب كبار المسؤولين اللبنانيين على الواقعة الأخيرة. وكان الوزير الوحيد في حكومة تصريف الأعمال برئاسة نجيب ميقاتي، الذي علق على القضية، هو وزير البيئة ناصر ياسين، الذي ندد بالحادث ودعا الادعاء العام للتحقيق. في غضون ذلك، نشر العديد من نواب البرلمان اللبناني المستقلين المنتخبين حديثاً بيانات انتقادية.

وقال عضو البرلمان إبراهيم منيمنة أن “ما جرى يتناقض تماماً مع تطلعات لبنان. نحتاج لأن تكون حقوق الإنسان مرجعية أساسية لكل ما نقوم به”. واضاف أن إجراء جهاز أمن الدولة تحقيقاً داخلياً يمثل “تضارباً للمصالح”. وأعربت “أمنستي” و”هيومن رايتس ووتش” وجماعات حقوقية أخرى عن مشاعر مماثلة.

ولطالما انتقدت منظمات حقوق الإنسان لبنان مشيرة إلى قانون صدر العام 2017 لمناهضة التعذيب ووصفته بانه قانون غير مكتمل، ولم يتم تطبيقه حتى الآن، رغم مرور خمس سنوات على صدوره. وقالت لما فقيه مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ومديرة مكتب بيروت في “هيومن رايتس ووتش”، لمى فقيه، أن التعذيب في البلد الذي تعصف به أزمة اقتصادية حادة يمثل مشكلة عمرها سنوات. وأضافت فقيه أن “لبنان يعاني إرث الإفلات من العقاب بسبب التعذيب. لم نشهد بعد اتخاذ خطوات لضمان إجراء تحقيقات قوية ومحاسبة الأفراد المسؤولين”.

Scan the code