رغم التطمينات التي أطلقها وزير التربية عباس الحلبي، عن عدم صعوبة تأمين مبلغ 150 مليون دولار لإطلاق العام الدراسي المقبل، بات معروفاً أن لا إمكانية لوزارة التربية لتحقيق هذا من دون الحصول على المساعدات الخارجية. إذ من المفترض أن تبدأ مرحلة تسجيل الطلاب مطلع الشهر المقبل، لكن ثمة دعوات لتأجيل الموعد.
تفاصيل الميزانية
بعد إعلان الحلبي عن حاجة الوزارة إلى 150 مليون دولار، أكد وزير المالية يوسف خليل بأن المبلغ سيؤمن من الحكومة ومن الهبات الدولية. وأكد الحلبي بعد انتهاء الجلسة، أن مجلس الوزراء أقر سلفة بقيمة 5 آلاف مليار ليرة كدفعة أولى من المبلغ المطالب به، وهو 150 مليون دولار لضمان بدء العام الدراسي. وأوضح انه “كي يكون هناك عودة آمنة للاساتذة وتمكينهم من الذهاب إلى المدارس، طلبنا إضافة الى الرواتب حوافز بالدولار الأميركي كي تدفع للأساتذة. وكلفة هذه السنة 150 مليون دولار. وهذا رقم مدروس يغطي الحوافز والشق الصحي وصناديق المدارس والمهنيات”.
ووفق مصادر “المدن”، تتضمن الخطة التي عملت عليها وزارة التربية محاور عدة. وتبين مع معدي ميزانية الخطة أن المبلغ المطلوب هو 150 مليون دولار لتأمين المصاريف التشغيلية ورواتب الأساتذة. ولحظت الخطة منح الأستاذ راتباً بقيمة 300 دولار بالشهر. فلدى إعداد الوزارة هذه الميزانية أسرّ البعض أن الأستاذ سيحضر إلى عمله في حال تمكن من تأمين راتب-مساعدة بما لا يقل عن 300 دولار. هذا علماً أن ممثلي الأساتذة طالبوا الوزير براتب لا يقل عن 600 دولار بالشهر. وقد وعد الحلبي الأساتذة برفع مطلبهم إلى مجلس الوزراء.
تعويل الحكومة على تأمين الميزانية التي وضعتها وزارة التربية هو على الدول المانحة، تقول المصادر. أما المشكلة التي ستعترض الخطة، فتكمن في كيفية تحويل المبالغ التي سترصدها الحكومة بالليرة اللبنانية إلى دولار، في ظل رفض المصرف المركزي. فجزء من الخطة ممول من الدول المانحة (لم تأخذ الوزارة موافقة نهائية عليها بعد) والجزء الآخر من الحكومة. وقد اصطدم العام الدراسي الفائت بهذه الإشكالية، وكانت النتيجة وقف الحوافز الدولارية مقابل منح الأساتذة الرواتب السبعة التي أقرتها الحكومة.
التعليم مسؤولية الدولة
استباقاً لجلسة مجلس الوزراء التي عقدت اليوم، صدر مساء أمس بيان عن منظمة اليونيسف، طالبت فيه الحكومة اللبنانية إيلاء الأولوية لتعبئة موارد ميزانية التعليم، لضمان فتح المدارس الرسمية أمام جميع الأطفال، لأنه لا يمكن أن يحلّ دعم اليونيسف مكان استثمار الحكومة اللبنانية في التعليم. وأثنت على جهود وزارة التربية في الضغط على المجلس النيابي ووزارة المالية ومكتب رئيس الوزراء، لإيلاء الأولوية للتعليم، ودعوة جميع الأطراف المعنية في لبنان لتخصيص موازنة كافية لضمان بقاء المدارس مفتوحة أمام جميع الأطفال. ولمحت اليونيسف في البيان إلى عدم ثقة المانحين بألية عمل وزارة التربية في المرحلة التي سبقت تأسيس الصندوق الائتماني للتربية (TREF) العام الفائت. وأكدت أن وزارة التربية بذلت طوال العام الدراسي الفائت جهوداً مضنية لتعزيز حوكمة الشراكة ودمج مبادئ المساءلة والشفافية من خلال “الصندوق”. وتماشياً مع هذه الإصلاحات، لم ترسل اليونيسف، منذ العام الدراسي 2021-2022، أيّ من الأموال مباشرة الى وزارة التربية والتعليم العالي. بل حولتها مباشرة إلى المعلمين وموظفي القطاع التعليمي والمدارس وصناديق المناطق التربوية، بناءً على جداول ساعات عمل تمّ التحقق من صحتها. وحولت الأموال بالدولار الأميركي مباشرة الى 1074 مدرسة رسمية لتغطية جميع الطلاب اللبنانيين وغير اللبنانيين. وفصلت اليونيسف بدلات الإنتاجية والرواتب التي دفعتها والمساعدات للطلاب، والانفاق على تأهيل 26 مدرسة منجزة و94 مدرسة رسمية قيد الإنجاز، فضلاً عن البدء ببناء أربع مدارس رسمية جديدة، وتمويل الامتحانات الرسمية.
الضغوط لن تنفع
بيان اليونيسف أتى لتأكيد المؤكد، بأن تعليم الطلاب من مسؤولية الدولة اللبنانية وليس الجهات المانحة. وأتى رداً على اللقاءات التي عقدتها وفود من أساتذة التعليم الرسمي مع وزراء، وما بدر عنها من تحميل مسؤولية تعليم الطلاب اللبنانيين للدول المانحة، من خلال الضغوط بملف الطلاب السوريين. أي عملياً قالت اليونيسف إن الضغوط التي تمارس في ملف الطلاب السوريين، وتوجه مدراء المدارس لعدم تسجيلهم لا يحل المشكلة التي يعاني منها قطاع التربية. فالمساعدات التي تقدمها اليونيسف وشركاؤها لا تحل مكان الدولة اللبنانية.
في الأسابيع الفائتة طالب ممثلون عن الأساتذة بإصدار قرارات عن وزارة التربية لعدم تسجيل الطلاب السوريين في حال لم ترفع الدول المانحة قيمة المساعدات وفي حال عدم مماثلة الطلاب اللبنانيين بهم على مستوى المساعدات. لكن وزارة التربية لا تستطيع اتخاذ هكذا قرار كما تبين من اللقاءات التي أجريت، والتي اطلعت “المدن” على بعض تفاصيلها.
جل ما توصل إليه الأساتذة الذين اجتمعوا مع وزير التربية وأركان الوزارة مؤخراً، هو الطلب عبر روابط المعلمين من مدراء المدارس والثانويات عدم فتح باب التسجيل أمام الطلاب السوريين، لعدم إحراج الوزارة في اتخاذ قرار رسمي بهذا الشأن لا تحمد عقباه. وقد باشر البعض بكتابة عريضة سترفع إلى جميع المدراء لعدم تسجيل الطلاب السوريين مطلع الشهر المقبل. وقد تمنى ممثلو الأساتذة على الحلبي تأجيل انطلاقة العام الدراسي، في التعاميم التي ستصدر بهذا الشأن. أي عوضاً عن بدء التسجيل في مطلع أيلول، طلبوا من الحلبي تأخير الموعد إلى نهاية أيلول.