التخطي إلى المحتوى


الثلاثاء، 15 أغسطس 2023 02:24 م

حصل الزميل محمد عبد الرحمن زغلول، الصحفي بقسم “الثقافة” باليوم السابع، على جائزة المقال النقدي التطبيقي ضمن جوائز المهرجان القومي للمسرح المصري بدورته السادسة عشرة برئاسة الفنان محمد رياض، عن مقال يتناول عرض “باب عشق”، وتسلم أمس درع المهرجان وشهادة التقدير في حفل الختام، وقد تشكلت لجنة تحكيم هذه المسابقة من كل: د. نجوى عانوس، رئيسًا للجنة، الناقد محمد الروبي، د. رانيا يحيي، مقررًا للجنة.


 


 


و”اليوم السابع” يعيد نشر المقال الذي نشره من قبل بتاريخ 27 يونيو 2023، تحت عنوان “باب عشق.. التراث بين الفُرجة والتجريب” وهذا نص المقال:


 


“لهفي على دَعدٍ وما حفَلت إلّا بحرّ تلهّفي دعدُ.. بيضاء قد لبس الأَديم أديم الحسن فهو لجلدها جلد.. ويزين فُوديها إِذا حسَرت ضافي الغدائِر فاحِمٌ جعدُ.. فَالوَجهُ مثل الصبح مبيضٌّ والشعر مثلَ الليل مسودُّ”، هكذا تبدأ “القصيدة اليتيمة” التي بُنيت عليها واحدة من الحكايات الشعبية الشهيرة في المدونة العربية، وتحكي عن شاعر جاهلي اسمه “دوقلة” يسمع عن الأميرة البليغة الحسناء، ابنة ملك نجد، التي تبحث عن أفضل شعراء عصرها لتتزوّجه وتُورّثه حُكمَ أبيها، فيكتب قصيدته المُفعمة بالعشق واللهفة من أجل اقتناص قلبها ومُلك العائلة؛ لكنه يُقتل قبل أن يصل إليها. وأن أعرابيًّا عرف السرّ من صاحبه، ووجد في القصيدة ضالّته للوصول إلى الأميرة، لكنه أُصيب بلعنة الأبيات الدافئة بعدما ولغ في دم كاتبها، وكان ذلك سببًا في “عنوسة” الأميرة أيضًا.. كان لا بد من تلك المقدمة الطويلة نسبيًّا عن “دعد” وقصّتها، البليغة الجامحة المُترعة بالحب والصدق، ومعالجتها المسرحية للكاتب إبراهيم الحسيني، وهو النص الفائز بجائزة أفضل نص مسرحي في جائزة ساويرس الثقافية عام 2019، وأخرجها حسن الوزير، الذي أضفى على العمل رؤية مُتقدّمة تستند إلى تقنيات القصّ ومفاتيح الرؤية الشعبية، في عرض “باب عشق” الذي يحمل طابعا غنائيًّا ويحتضنه مسرح الطليعة.


 


يبدأ العرض بإضاءة خافتة، يظهر على أثرها صفٌّ من الشخصيات بملابس بسيطة تُعبّر عن البيئة العربية القديمة الحاملة لفضاء العرض؛ لنكتشف أنه “مُنادٍ” يتجمّع حوله الناس ممّن ينتظرون عطايا الملك، لكنه وسط تلك الحالة بدأ يُردّد نبأ أميرة البلاد الحسناء، التي تطلب زوجًا لها شريطة أن يكون شاعرًا قويًّا، ليفوز بمحبّتها وعرش والدها معًا. من تلك النقطة تنطلق الحكاية، ويُمرّر العرض أفكاره عبر سرديّة درامية غنائية تتصاعد تدريجيًّا، محورها فتاة بارعة الجمال ولا تخلو من حصافة وذكاء، تزهد الخُطّاب من الأمراء ووجهاء القوم، وتأبى الاقتران إلا بمن هو أشعر منها، وأقدر على ملء عقلها قبل روحها. شاع الأمر في الجزيرة العربية بكاملها، وتبارى الشعراء في سبك المهور الشعرية طمعًا في المفازة الكبيرة من بوابة قبول الأميرة واستحسانها، وحينما يصل الخبر إلى “دوقلة” الشاعر المجهول، يضع قصيدة تختزن عصارة موهبته وما في قوس إبداعه من مدى؛ لكن يُقتل في طريقه إلى الأميرة على يد أعرابي، يسرق القصيدة مُتسلّلاً بها إلى القصر على أمل الزواج والحُكم، لكن تصيبه اللعنة ويُكتشف أمره ليلة زفافه على الأميرة، فتتخلّص منه ومن كل الطامعين فيها وفى مُلك أبيها.


 


يعتمد العرض المسار الخطّي الصاعد للحكاية، حسبما وردت في كتابات بعض المؤرخين القدامى، مثل محمد بن أيدمر المستعصمي في كتابه “الدرر الفريد وبيت القصيد”، ويشتبك مع تنويعات عليها ذكرها أكثر من مؤرخ، منها نسبتها إلى الشاعر “ذو الرمة” الذي خلُد أيضًا بقصته مع محبوبته، لكن العرض حاول كسر الحالة التقليدية الجامدة للتراجيديا ذات الطابع الملحمي، عبر صورة جمالية مُتدفقة رغم التقشّف، ومشاهد استعراضية غنائية، واستطراد مُتكرر للقصيدة في بنية دائرية تبدو فيها الحالة تعبيرًا بصريًّا عن لحظة الإبداع، التي كانت سببًا في موت المبدع، وباعثًا لتعاسة الأميرة أيضًا، وكأننا أمام بندولٍ يتأرجح كرقّاص الساعة بين الحلم والواقع، الأمل والألم، وبين استدعاء الحكاية التراثية لإثارة مواجع وتساؤلات وجودية لا تنفصل عن الحاضر.


 


حاول “الحسيني” في معالجته للقصة الإجابة عن أسئلة عديدة تخص الشاعر المجهول، وعمل على إيجاد بنية حكائية وخلق تسلسل درامي مُقنع لمأساة لم يصلنا منها إلا تلك القصيدة اليتيمة، وفي ذلك صاغ سياقًا من الشخوص التي بدت بشرًا كاملي الحضور حينًا، ورموزًا وقيمًا تُشير أكثر ممّا تُصرّح أحيانًا، وعبر الاستقراء والخيال والإبداع نجح في ردم الفجوات وترميم الشقوق، واستكمال القطع المتآكلة من رقعة الجلد، لتوفير سياق قادر على حمل الحكاية دراميًّا، من خلال مسار صاعد لا يخلو من توليفة الحكي الأساسية، بما تتطلّبه من صراعٍ وتنامٍ وإضاءات وكشف! وبما لا يُخلّ بالظروف والبيئة التي نشأت فيها الأسطورة، ليكمل القصة ويملأ الفراغات.


 


تضافرت عناصر العرض لتصنع فسيفسائية مُتجانسة الدراما، ترتبط عضويًّا بالموسيقى والغناء والرقص، وصولاً إلى صيغة ناضجة ومُتدفقة لإنتاج فُرجة غنائية “Musical Theatre”، ولا يحضر الغناء والاستعراض هنا حليةً أو بنزوع أداتيّ لتحقيق التسلية والترفيه فقط؛ إنما كانا غاية ضرورية في إطار الحبكة المُعتمدة، وجسرًا صاعدًا تتابع عليه تفاصيل الحكاية، وتنبني مسارات الشخوص ومحنتها بما لا يخلو من الشاعرية والتأثير النفسي. حاول المخرج عبر تكامل الأدوات أن يُعزز الدفقة الشعورية التي يحملها العرض، ويضع المتلقي في فضاء الدراما من بوابة الاتصال الشعوري والنفسي، وقد أصاب الرهان حظًّا من التوفيق مع ما أنتجته الموسيقى والغناء والاستعراض من تأثيرات فاعلة في حالة التلقّي، واكتمل تطعيمها بلوحات استعراضية مُتباعدة، لكنها ربما بدت غير مُبرّرة دراميًّا في بعض الأوقات، وكانت أقرب إلى حالة التسلية والإثراء البصري، منها إلى خدمة البناء الدرامي أو ترقية المسار الصاعد للحكي.


 


حسن الوزير مُخرج تُغريه الأجواء الشعبية، وتتحقّق أدواته على وجه مُلفت في موضوعات السِّيّر والقصص التراثية والفولكلور وحالة الفُرجة. تجاربه السابقة حملت نزوعًا إلى الحالة الجماهيرية في كل عناصرها؛ سواء من ناحية اختيار النصوص والموضوعات، أو حتى مجالات العمل في نطاقات المبدعين والمُتفرجين؛ إذ إن سيرته تتضمن أعمالاً جيدة فنيًّا مع فرق الثقافة الجماهيرية والممثلين الهواة، إلى جانب نشاطه في مسرح الدولة بقدر أعلى من الاحترافية والثراء. يُرتب “الوزير” فضاءه الدرامي بتكامل بين الحضور البشري والموتيفات البصرية الشعبية، واللعب على الألوان الجاذبة والثرية، ويُخلص لتوظيف الغناء والاستعراض ضمن مكونات رؤيته؛ ليس انطلاقًا من حاجة الحكايات فقط، إنما على ما يبدو من باب إخلاصه الشخصي لفكرة الفُرجة الشعبية المُمتعة. سبق له العمل مع مؤلف عرضه الأخير، الكاتب إبراهيم الحسيني، وبدت الكيمياء بينهما واضحة في تكامل النص المرئي مع المكتوب، والوصول إلى حلول عملية لم تخصم من الحكاية في أصلها، ولم تُقيّد نقلها إلى المسرح بالتلبّس الكامل لرؤية الكاتب وحده. 


 


اللغة في العرض قدمت وسيطًا صافيًا من نسيج الشخصيات، وليس بعيدًا عن الحكاية ولا زمن التلقّي. انطلقت المعالجة المنطوقة من حالة النص وظهيره المُؤسّس/ القصيدة اليتيمة، فكان الحوار في كثير من نطاقاته شعرًا أو أقرب إلى الشعر، كأننا في إطار قصيدة مفتوحة تتكامل مع ما كتبه “دوقلة”، وتُكمل الناقص في حكايته ممّا لم يُمهله الموت مُتّسعًا ليقصّه على الناس بنفسه. هكذا تحقّقت حالة من المزاوجة بين درامية الحوار الدافعة للحكي، وجمالياته المُعزز للأثر النفسي والبلاغي؛ مثل حوار الشاعر والراقصة “شهد”، أو التاجر “طاهر” والعبد “هارون” في الحانة. وما بين الأداتية الحكّاءة والتعبيرية الموحية والذاتية المُغرقة في “شعرنة” الحالة، كان الحوار واحدًا من مقومات العرض الأساسية وأبرز عناصر قوته، لا سيّما أنه ينسجم مع أجواء القصة وزمنها وما شاع عن شخوصها من بلاغة واحتفاء باللغة ومبارزة بالجمال والحكمة. 


 


‎يضعنا العمل أمام حزمة تناقضات وتباينات حياتية، كان واضحًا فيها قصديّة الكاتب ورغبته في الانتقال بالحكاية من فضاء الاستعارة التاريخية إلى حيّز الرمزية المعجونة مع كثير من ملامح الواقع. خطّ “الحسيني” حكايته كأنه يصيغ سيناريو للبشر والأفكار والتاريخ والحاضر معًا، فيطرح الرؤي والأفكار ويُمرّر الرسائل من دون قهر للشخوص أو تعسُّف مع الدراما، مُتلاعبًا بفكرة الزمان والمكان كما لو كان التُراث والشاعر المجهول والأميرة الحسناء عجينة طيّعة، تنتمي للراهن بأكثر من انتمائها لزمنها أو كونها مُستجلبة من خارج سياق اللحظة. نجد ملك نجد “والد الأميرة” رغم رفضه فكرة أن تتزوج ابنته عن طريق اختيار أفصح شعراء العرب، وخوفه عليها من طمع الأمراء في مُلكه بعدما يؤول إليها، ومن ألّا يكون الشاعر المُنتظر قادرًا على حماية السلطة أو وريثته الشرعية، فإنه في الوقت نفسه يوافق على رغبة الابنة، كأنما يُعيد تفكيك الموروث بمادّته ويُقدّم تصوّرًا حداثيًّا نابعًا من المرجعية التي يُعلّق عليها المُتطرفون رؤاهم الأصولية المُظلمة، كما يُعيد الاعتبار لفكرة الموهبة والجدارة بدلاً عن النسب ونقاء الدم، ربما من هنا تتجلّى دلالة الاسم “باب عشق” من كون المحبّة تفتح بابًا على الحياة، وقد تفعل في نفوس البشر بأكثر ما تفعل بقية المثيرات والفواعل الاجتماعية والثقافية والعقائدية أيضًا. يُريد النص أن يقول صراحة إن العشق هو ما يحكم، وما يجب أن نُسلّم له بالحُكم، لأنه من عمل القلب وهو لا يخدع، ولأنه يُوجب الصدق والإخلاص والتفاني وكلها أكثر ما نحتاجه من قيم وضوابط في واقعنا. من الرسائل أيضًا أن الخروج من عباءة السلطة/ الأب أو الحاكم، ليس شرًّا دائمًا، وقد يفتح لنا أبوابًا أعرض على الحياة والحب والإبداع والأمل.


 


‎حالة من التخاطر الروحي ربما صنعها العرض بين البطلين، فالأميرة الحسناء والشاعر “دوقلة” مُرتبطان فكريًّا وروحيًّا؛ وإن لما يلتقيا قطّ: الأولى ترى الشعراء فرسانًا يحملون الفكر، وترفض أن تتزوّج أو أن توفّر ممرًّا نحو الحكم لواحد من الساسة الأفاقين والمتناحرين، وبدلاً من ذلك تتطلّع إلى الفوز بقلب شاعر مُبدع يضمن لها المحبّة ويفيض عليها بالحكمة والصدق، أما الثاني فيسير على المنوال نفسه؛ يظهر أمامنا صادقًا في القول والفعل، يتعامل مع شعره بهالة من الإجلال والتقديس؛ فيرفض بيعه أو إراقة دمه لقاء منفعة عابرة.. يبدو أن تقديس الشعر كإلهام روحي وعطاء ربّاني، ضمن ركائز الحبكة التي اختار إبراهيم الحسيني أن يروي تلك القصة من أجلها؛ إذ في النص التاريخي يُقال إن من سرق “دوقلة” كان شاعرًا مثله، وجد قصيدة الضحية المغدور أفضل من قصيدته لغة ومعنى، وأيقن أنه فائز بقلب الأميرة ومُلكها لا محالة، فكان أن انحاز للمساحة المُظلمة في نفسه البشرية مقرّرًا قتله وانتحال قصيدته؛ إلا أن المعالجة أظهرت القاتل “غيلان الجبلي” راعي غنم، اتّساقًا مع الصورة المُنزِّهة للشعراء وفق صيغة الأميرة ودوقلة، وربما انطوى ذلك على تفسير منطقي آخر مفاده أن السارق لو كان شاعرًا؛ ما كان وقع في فخ البيت الذي يناجى فيه محبوبته بوطنه: “إِن تُتهِمي فَتَهامَةٌ وَطني.. أو تُنجِدي يكنِ الهَوى نَجدُ”، فكان أقدر على تبديله أو الاستعاضة عنه بمعنى مثيل أو ربما حذفه أصلاً؛ لكن الراعي الجهول المُدفوع بالطمع وانعدام الكفاءة واستباحة الآخر لم يفطن للأمر، فوقع في الفخ وأصابته اللعنة، وفي المقابل كانت الأميرة أذكى من أن تنطلي عليها الخديعة، فأدركت من لفظ الشاعر وبراهين القصيدة المُضمرة أنها مسروقة، فقالت لحُرّاسها: “اقتلوا قاتل زوجي”، هكذا لا يتحقّق الثأر فقط؛ إنما يستعيد “دوقلة” موقعه الشرعي في قلب الأميرة وسريرها، ولو رمزيًّا؛ فلم يسلبه الموت ما كان مُستحقًّا له بالصدق والإبداع والجدارة.


 


‎الرؤية البصرية حملت دلالات ومعاني أخلصت لحالة الفُرجة ولم تُرق دماء الرمز. ظهرت الأميرة “دعد” في كثير من المشاهد بهيئة ملكية كاملة باللون الأزرق، في إشارة إلى حالة الثقة والمسؤولية والاستقرار، وإلى صفاء النفس واتساعها كالبحر أو السماء، وكانت مُختلفة في ملبسها عن الجميع تمييزًا لموقعها في التدرّج الاجتماعي والسلطوي، ولتمايزها الإنساني عن محيطها أيضًا، فيما ظهر “دوقلة” في هيئة عربية بعمامة بسيطة وقميص أحمر في رمزية للطاقة واتّقاد العاطفة، وهيمنت على إطلالة العوام الملابس التقليدية بين تنويعات عربية أو غجرية تتلمّس معادلاً واقعيًّا لراقصات الحانة، وتظهر عدة شخصيات “السياف وقائد الحرس والوزير” بهيئات عسكرية. إجمالاً كانت الملابس ذات نزوع واقعي، ربما يبدو مُتصادمًا مع الرهان الرمزي؛ إلا أنه في واقع الأمر ليس ثمّة تعارض من زاوية الرهان على الفُرجة الشعبية، وإحداث حالة الفعل الدلالي بتوازن الخطاب الجاد مع التسلية والترفيه.


 


‎قدّم الديكور مُقاربة منطقية لا تنفصل عن تخيّل المُتلقّين واحتمالاته لزمن الحكاية. كان بسيطًا وخفيفًا وسهل التحريك في أغلبه، مع دور فاعل في بناء حالة الثراء البصري بالألوان وتوزيع الإكسسوارات، ولعبت الأزياء دورًا في استكمال الحالة بجمال محسوب؛ حتى في أشد مستويات الشخصيات فقرًا، بينما جاءت الإضاءة مُريحًة بإيقاع هادئ يتناسب مع روح الحكاية وزمنها، ولم تخلُ الموسيقى من جانب عاطفي تأثيري وإن بدت عصرية نوعًا ما، لتصل إلى المتلقي صورة جيدة ومواكبة لحكايتها، مع إضاءة المشاهد بجودة وتعبيرية لا تنفصل عن واقعها ولا تُشعرك بتجاوز مصادر الضوء الطبيعية وقتها، لأننا في عصر يعتمد على الشموع والمشاعل، فأخرج عرضًا لا ينفصل عن الراهن ولا يجور على حكاية الماضي، قابضًا على التفاصيل الأسطورية ومسارات الأداء بشكل يحفظ للعمل هيئته التاريخية ويحفظ للمتلقي حيِّز الانفصال عن الدراما والاتصال بها في آن واحد.


 


‎في النهاية، قدم العرض معالجة عصرية لواحدة من قصص التراث، مُختزلاً كثيرًا من القيم والمُثل والمشاعر الإنسانية، ومُستعرضًا تفسيرًا أقل تعقيدًا للحياة في أقصى تعقّدها. رسالة العمل أنه ربما علينا البحث عن فرص العيش واغتنامها، وأن نحيا بالحب ولا نرتضي غيره، وندرك أنه المظلّة والمنحة الإلهية الواسعة، ورغم أن ارتدى عباءة شعبوية مُخلصة للفولكلور ومنطق الفُرجة؛ إلا أنه حمل قدرًا ملموسًا من محاولات التجريب؛ في مستويات السردّ والبناء الدرامي، أو التشكيل، أو المزاوجة بين الحوار والمرجعية النصية الحاملة للحكاية، فكان في خُلاصته متكاملاً، ثريًّا، حيويًّا وجذّابًا في الشكل والمعنى وتكامل عناصره الفنية. وكانت أشعار درويش الأسيوطي بسيطة ومُعبّرة، وأجاد ديكور فادي فوكيه وأزياء مها عبد الرحمن في ترجمة الحالة وإيصال رؤية المُخرج كاملة، ولمعت من عناصر التمثيل: ماهر محمود، وهالة ياسر، وفكري سليم وشيماء يسري.







Scan the code