عاد الترقب والخوف مُجددا في النقاش العام بالمغرب، بخصوص متحور جديد من فيروس كورونا “كوفيد-19″، بدأ يلقي بظلاله على المواطنين، في الأيام القليلة الماضية.
وبحسب مصادر مطلعة فضلت عدم ذكر اسمها لـ”عربي21″ فإن هناك عددا من الحالات المرضية لبعض الموظفين في المؤسسات الرسمية، ممّا دعا الإدارات إلى إرسالهم للعمل عن بعد، بعد حصولهم على أيام راحة؛ فيما اضطرت السلطات الصحية المغربية إلى اتخاذ تدابير للحد من انتشار الموجة الجديدة من الفيروس.
وقالت وزارة الصحة والحماية الاجتماعية إنه رغم أن “كوفيد-19” لم يعد حالة صحية طارئة، على المستوى العالمي، منذ 5 آيار/ مايو الماضي، فإنه ما زال يشكل تهديدا كبيرا للصحة العمومية في العالم، خاصة جراء ارتفاع عدد الحالات المسجلة ما بين 10 تموز/ يوليو و6 آب/ أغسطس بنسبة 80 في المائة، بحسب ما سجلته منظمة الصحة العالمية.
وأضافت في وثيقة وصلت “عربي21” نسخة منها، أنه بناء على التطورات الجديدة للفيروس، الذي ظهر أول مرة في المغرب مطلع آذار/ مارس سنة 2020، “دعت وزارة الصحة والحماية الاجتماعية إلى الحفاظ على تفعيل تدابير اليقظة والمراقبة للتصدي لفيروس كورونا، الذي بلغ عدد الإصابات به في المغرب خلال الأسبوع الأخير 27 إصابة، وفق المعطيات الرسمية الصادرة عن الوزارة”.
إلى ذلك، سارعت وزارة الصحة إلى القيام بها للتصدي لأي احتمال لانتشار كورونا وتوفير الاختبارات السريعة (PCR أو TAR) في مختلف المراكز الصحية، وجعلها متاحة لجميع الأشخاص الذين يُشتبه في أنهم مصابون بـ”كوفيد-19″، مطالبة المسؤولين كذلك بالحرص على احترام البروتوكول العلاجي الخاص بالتكفل بالمصابين، والإخطار الأسبوعي للمصالح المركزية للوزارة بالمعطيات المتعلقة بعمليات المراقبة، وحالات الإصابة الخطيرة والوفيات.
حالات متفشية.. ماذا يقول الطب؟
ورصدت “عربي21″ مجموعة من المنشورات على مواقع التواصل الاجتماعي، لأشخاص يتحدثون عن إصابتهم بـ”المتحور الفرعي” من الفيروس، بينهم هدى، التي قالت في تدوينة على حسابها بـ”فيسبوك”: “من بعد 11 يوم من كورونا، بديت العطلة”، ليأتي الرد من محمد، مواطن مغربي، بالقول: “قبل يومين من سفري إلى اليونان انطلقت أعراض المرض تظهر علي، وهي أصعب من الموجة الأولى”، لتتوالى المنشورات المتحدثة عن حالات إصابة جديدة، بعد أشهر من خفوت الحديث عن فيروس كورونا في المغرب.
وفي هذا السياق، قال الطيب حمضي، الطبيب والباحث في السياسات والنظم الصحية ورئيس النقابة الوطنية للطب العام في المغرب: “بالنسبة للمتحور الفرعي الجديد، نحب أن نطمئن الناس أنه ليس هناك ما يدعو للقلق، والحياة العامة والمستشفيات سوف تستمر بشكلها العادي تماما، فقط يتوجب اتخاذ الحيطة والحذر، خاصة بالنسبة لكل من يعاني من هشاشة العظام”.
وأضاف حمضي، في حديثه لـ”عربي21″: “إن منظمة الصحة العالمية صنّفته بمتحور تحت المراقبة، حيث ظهر في شهر مارس الماضي، بدول آسيا، ثم انطلق في الانتشار بسرعة كبيرة إلى باقي الدول، وبات سائدا في كل من أمريكا وبريطانيا، وفي طريقه لأن يصبح سائدا في باقي الدول الأخرى” مشيرا إلى أن “له سرعة كبيرة في الانتشار، ممّا شد الانتباه إليه، واستدعى الحديث عنه”.
وأوضح رئيس النقابة الوطنية للطب العام في المغرب: “هذا المتحور الجديد، يتوفر على ما يسمى طبيا بـ”الهروب المناعي”، بمعنى أن كل من سبق لهم التلقيح فيما قبل ضد المرض، بإمكانهم الإصابة بهذا الفيروس مجددا” مؤكدا: “من أعراضه ارتفاع درجة الحرارة المرفقة بآلام في الرأس والحلق، والتعب البارز”.
وأردف: “بالنظر إلى الدول التي انتشر فيها، لا نجد أن هناك شراسة كبيرة، وليس هناك نسب وفيات مرتفعة، إذا هو أكثر انتشارا لكنه ليس أكثر شراسة. غير أن المطلوب الآن أن على أي شخص شعر بالأعراض، التحلي بالحيطة وبالتدابير الصحية مع ارتداء الكمامة، بالإضافة إلى أن كافة حاملي الأمراض المزمنة والكبار في السن، والنساء الحوامل، يتوجب عليهم الحصول على التلقيح، والعقاقير المضادة للتلقيح”.
وفي ختام حديثه لـ”عربي21″ رجّح حمضي أنه “من المتوقع ارتفاع عدد الحالات الحاملة للفيروس خلال فصل الخريف، خاصة أنه الآن تتوالى الحفلات العامة والخاصة وتكثر اللقاءات، وجل مناعة المواطنين بدأت تتراجع، لأنه منذ أشهر لم يعد الحديث عن التدابير الصحية”.
تجدر الإشارة إلى أنه بحسب المعطيات التي نشرتها وزارة الصحة والحماية الاجتماعية المغربية، الجمعة، وتغطي الفترة من 5 إلى 11 آب/ أغسطس من السنة الجارية، فقد “بلغ العدد التراكمي لحالات الإصابة المؤكدة بفيروس كورونا في المغرب، منذ الإعلان عن أول حالة إصابة في 2 آذار/ مارس 2020، ما مجموعه 1 مليون و275 ألفا و320 حالة، مع معدل إيجابية أسبوعي يناهز 5.4 في المائة”.
وشهدت عدد من دول العالم، خلال الأسابيع الماضية، ظهور السلالة الجديدة من الفيروس، ورغم أنه لم يتم تحديد مدى ضررها بعد من طرف منظمة الصحة العالمية، إلا أن المنظمة كانت قد أعلنت أن “كوفيد-19” لا يزال يعتبر تهديدا للصحة العامة بالنظر لاحتمال انتشار متحورات وسلالات فرعية جديدة.