عاودت أزمة العملة الصعبة في مصر ظهورها من جديد خلال الأسبوعين الماضيين، بعد توقف عدد من البنوك عن فتح اعتمادات مستندية جديدة أو مستندات تحصيل للمستوردين، بسبب شح الدولار في أكبر سوق بالمنطقة من من حيث عدد المستهلكين
كان البنك المركزي المصري ألغى في أكتوبر الماضي “تدريجياً” التعليمات الخاصة باستخدام الاعتمادات المستندية في عمليات تمويل الاستيراد، وصولاً لإلغائها بالكامل في ديسمبر، والعودة إلى النظام القديم من خلال “مستندات التحصيل”.
ترافق ذلك مع تحرير سعر الصرف، وبدأت البنوك بتوفير الدولار للمستوردين. لكن الحال تغيّر خلال الأسبوعين الماضيين وسط شح شديد بالعملة الصعبة، ما انعكس توقفاً شبه تام لعمليات الاستيراد باستثناء الوقود والغذاء.
أحد كبار مستوردي الأجهزة المنزلية في مصر قال لـ”الشرق”، مشترطاً عدم نشر اسمه، إن “العملية (الاستيراد) متوقفة تماماً منذ أسبوعين، إذ لا يوجد عملة صعبة، والبنوك تكتفي بالموافقة قولاً، لكنها لا تنفذ، لتعود وتتذرع بأنها تسير وفقاً للأولويات، بموازاة ارتفاع سعر الدولار في السوق الموازية بشدّة.. ولا نعلم ماذا نفعل”.
“الشرق” بعثت برسالة نصية إلى البنك المركزي المصري للوقوف على رأيه حول توافر العملة الصعبة للمستوردين، لكنها لم تحصل على رد فوري.
فجوة تمويل
لم يفلح توصل مصر لاتفاق مع صندوق النقد الدولي للحصول على تمويلات مباشرة بقيمة 3 مليارات دولار، ضمن تسهيلات ائتمانية تفوق 9 مليارات دولار، في جذب استثمارات أجنبية للبلاد، لاسيما لسوق الأوراق المالية التي تخارج منها أكثر من 20 مليار دولار من الأموال الأجنبية الساخنة منذ الحرب الروسية الأوكرانية، بحسب تصريحات لوزير المالية محمد معيط.
تحتاج مصر إلى 28 مليار دولار حتى نهاية 2023 من أجل عملية إعادة تمويل ديونها مستحقة السداد، ودفع فوائد الديون وتمويل عجز الحساب الجاري، بحسب مصرف “دويتشه بنك”، بجانب 20 مليار دولار إضافية مطلوبة في السنة التالية. وليس بإمكان صافي الاحتياطيات النقدية الدولية لمصر، الذي يفوق بقليل 33 مليار دولار، تحمّل هذا العبء. وتسبب ذلك في مخاوف من أن مصر ستستمر بحاجة للجوء إلى أسواق الديون.