فبعدما سرّح الملياردير الأميركي، إيلون ماسك، نحو نصف موظفي شركة “تويتر”، البالغ عددهم 7500 موظف، بعد استحواذه على المنصة، قبل أيام فقط، بقيمة 44 مليار دولار، بدا أن مسلسل الإطاحة بالموظفين لن يتوقف قريبا، فلا تزال تصفية المدراء التنفيذين وصولا إلى الموظفين من كافة الأقسام مستمرة إلى اللحظة.
وإذا كان هذا حال شركة أصبحت تحت إدارة جديدة، فلم يختلف السيناريو كثيرا بالنسبة لشركة أكثر استقرارا إداريا وبنيويا، والحديث هنا عن شركة “ميتا” المالكة لتطبيقات “فيسبوك” و”واتساب” و”إنستغرام” لصاحبها مارك زوكربيرغ، والتي قررت الاستغناء عن أكثر من 11 ألف موظف لديها، بما يعادل 13 في المئة من القوى العاملة في الشركة، في واحدة من أكبر عمليات التسريح هذا العام.
يأتي قرار زوكربيرغ، في وقت تمر فيه “ميتا” بصعوبات مع انخفاض صافي ربحها بنسبة 52 بالمئة ليبلغ 4.4 مليار دولار في الربع الثالث.
قائمة بالشركات التي سرّحت موظفيها أو جمّدت التوظيف
- تخلصت شركة “سناب شات” من 20 بالمئة من قوتها العاملة، التي تتجاوز 6 آلاف موظف.
- سرّحت شركة “مايكروسوفت “ما يقرب من ألف موظف تحت مسمى التغيير في الإجراءات الهيكلية،.
- في الثالث من نوفمبر الجاري، أعلنت شركة “سترايب” المتخصصة في التكنولوجيا المالية، أنها ستستغني عن 14 في المئة من قوتها العاملة.
- في اليوم نفسه أعلنت “ليفت” تسريح عدد كبير من موظفيها.
- ذهبت شركات أخرى مثل “أبل” إلى تجميد عمليات التوظيف عوضا عن التسريحات.
ووفقا لموقع البيانات “كرانش بيز”، فإنه قد تم تسريح أكثر من 50 ألف موظف تقني أميركي هذا العام.
ورغم أن هذا العدد يمثل أقل من واحد في المئة من حوالى 6 ملايين شخص يعملون في شركات التكنولوجيا الأميركية، فإنها صدمة للقطاع الذي يفترض أن يتنامى ويوظف أكثر بدلا من الفصل.
تفسير عمليات التسريح
وبصرف النظر عن السؤال الذي يُطرح بقوة في الأوساط التكنولوجية، عن المعايير التي تتخذها شركات التكنولوجيا العملاقة عند تسريح الموظفين أو تجميد التعيينات الجديدة، ثمة سؤال أكثر إلحاحا، وهو ما السر الذي يختبئ وراء ذلك المسلك الجماعي؟
يقول استشاري الإعلام الرقمي والتسويق الإلكتروني، محمد الحارثي:
- “ظاهرة تسريح موظفي الشركات التكنولوجية شبة الجماعية، تأتي بالتزامن مع تحقيق تلك الشركات لخسارات كبيرة ومتتالية، بدأت مع جائحة كورونا وتعمقت في ظل الحرب الروسية الأوكرانية”.
- يضيف الحارثي، في حديثه لموقع “سكاي نيوز عربية”، أنه “في الوقت الذي يتجه فيه الاقتصاد العالمي إلى الركود، مع تضخم غير محدد الوجهة، وبنوك مركزية في جميع أنحاء العالم ترفع أسعار الفائدة، فمن المرجح أن تحذو المزيد من شركات التكنولوجيا النهج نفسه”.
- يتابع الحارثي أن كون الأزمة الاقتصادية عالمية، لا يرفع عن تلك الشركات المسؤولية الفردية عن تحقيقها لخسائر متتالية، سواء خسائر مادية، أو هجران مزيد من المستخدمين لخدماتها.
أخطاء دفع ثمنها الموظفون
ويشرح الحارثي، ضاربا المثل بشركة “ميتا”، والتي وجهت طاقتها المالية والتقنية لمشروعها الجديد “ميتافيرس”، في وقت يصفه بـ”الحرج” و”الصادم اقتصاديا”، غير عابئة بتوجه المستخدم في عالم ما بعد كورونا، والذي بات يبحث عن الاتصال التقني لكن دون الانخراط بشكل كامل في الواقع الافتراضي، بعد أن ذاق قسوة العزلة والتباعد الاجتماعي.
ويلفت الحارثي النظر، إلى الضريبة التي دفعتها شركة “ميتا”، نتيجة الانشغال بتأسيس الواقع الافتراضي المتخيل عن جودة الخدمة ككل، والتي نتج عنها مشكلات تقنية متتالية واجهها مستخدموا “فيسبوك” و”واتساب” و”إنستغرام” أخيرا، من انقطاع الخدمة لساعات طويلة مرورا بتعليق حسابات وليس نهاية بانخفاض أعداد متابعي بعض الحسابات.
وينتقل الحارثي إلى الحديث عن “تويتر”، مذكرا بالوثيقة الداخلية التي تم تسريبها من داخل الشركة قبل أسابيع، وتكشف أن المستخدمين الذين ينشئون 90 في المئة من جميع المنشورات التي تصل إلى الخدمة على الرغم من أنهم يمثلون أقل من 10 في المئة من مستخدميها الشهريين كانوا في “انخفاض مطلق” على المنصة منذ بداية جائحة كورونا.
ويتوقع الحارثي، أن تحقق شركات التكنولوجيا المزيد من الخسائر طالما ظل حال الاقتصاد العالمي في تدهور، كما يتوقع لشركتي “ميتا” و”تويتر” مزيدا من الخسائر في الأرباح، ومزيدا من النزيف في أعداد المستخدمين النشطين، مقابل زحف منصات جديدة غير مثقلة الميزانية يحركها الطموح والرغبة في تقديم خصائص مبتكرة.