أوضح مختصان في الشأن العقاري، أن ما شهدته السوق العقارية خلال الفترة الماضية من تراجع كبير في أعداد الصفقات والمبيعات من العقارات السكنية بنسب تجاوزت 23% خلال السبعة الأشهر الأولى من 2022 مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، يُعزى إلى تجاوز أسعار العقارات السكنية (الأراضي، الفلل، الشقق) للقدرة الشرائية وحتى الائتمانية لغالبية الأفراد والأسر.
وأوضح عضو جمعية الاقتصاد السعودية عبد الله المغلوث لـ”أخبار 24” أن ما تشهده السوق العقارية محليًا، يأتي متسقًا مع ما تشهده أغلب العقارات حول العالم، من دخولها مرحلة تصحيحية على مستوى الأسعار بعد أكثر من عامين ماضيين، حيث شهدت الأسواق العقارية عالميا موجة من الارتفاعات القياسية بدعم رئيس من زيادة الائتمان العقاري واقترانه بتدني معدلات الفائدة.
وأضاف أن السوق العقارية أنهت أداءها خلال يوليو على انخفاض سنوي في إجمالي قيمة صفقاتها بنسبة 29.9%، واستقرت عند مستوى 9.6 مليار ريال، مقارنة بمستواها خلال الشهر نفسه من العام الماضي 13.7 مليار ريال.
وبيّن المغلوث أن وتيرة الانخفاض سنويا امتدت إلى بقية المؤشرات الرئيسة لنشاط السوق العقارية، بانخفاض سنوي لعدد الصفقات العقارية 31.7% (11.3 ألف صفقة عقارية منفذة)، وانخفاض مبيعات العقارات 32.2% (11.6 ألف أصل عقاري مبيع)، وانخفاض قياسي لمساحة الصفقات العقارية المنفذة 72.1% (71.0 مليون م2).
أما على مستوى الأداء الشهري، فقد سجلت كل مؤشرات أداء السوق تراجعا شهريا، مقارنة بأدائها خلال يونيو الماضي، حيث انخفض إجمالي قيمة صفقات السوق بنسبة قياسية وصلت إلى 65%.
وأشار إلى أن منصة “المؤشرات العقارية” أظهرت وجود انخفاض كبير في عدد الصفقات العقارية بالرياض مثل “مخطط الخير” في شمال الرياض وهو أبرز الأحياء التي شهدت تغييرًا، من خلال المقارنة بين صفقات يناير 2021 والتي وصلت لـ18,451 قطعة أرض و2806 شقق و7736 فيلا، مع الشهر ذاته من العام الجاري، والذي لم تتجاوز فيه صفقات الأراضي حاجز 13,706 صفقات، مع انخفاض الطلب على الفلل إلى 5476 فيلا، بينما ارتفعت فيه صفقات الشقق لتصل لـ3242 شقة.
وأكد المغلوث أنه بحسب الأرقام التي تم الكشف عنها في الرياض فإن برنامج سكني سيضخ نحو 40 ألف مُنتج، ومشاريع الشركة الوطنية للإسكان 147 ألف وحدة سكنية، بالإضافة إلى مشاريع نوعية وخاصة وأخرى تابعة للمطورين العقاريين سيصل إجماليها لـ292 ألف مُنتج وجميعها سيتم ضخها خلال الـ18 شهراً القادمة، ومن خلال الزيادة في المعروض العقاري قد يكون هناك تأثير أكبر باتجاه انخفاض الأسعار، وبعد ذلك تعود السوق إلى طبيعتها.
من جانبه، أشار عضو جمعية الاقتصاد السعودية عبد الحميد العمري لـ”أخبار 24” إلى أنه بالرجوع إلى أحدث بيانات وزارة العدل حتى نهاية الأسبوع الماضي، لا يتبين حدوث تراجع في أسعار العقارات على اختلاف أنواعها، بل لا تزال متضخمة جداً مقارنة بالتقييمات العادلة لأسعارها الحقيقية، وما حدث من تراجع لأسعار بعض الصفقات القليلة جداً في عددٍ ضيق من الأحياء لا يمكن القياس عليه أو اعتباره ظاهرة عامّة لأداء السوق.
وأضاف أن الأمر الذي طرأ على أداء السوق العقارية خلال الأشهر القليلة الماضية، خاصة القطاع السكني، هو التباطؤ في معدلات نمو الأسعار الذي بدأ تسجيله منذ بداية العام الجاري حتى تاريخه، حيث تراجع المتوسط العام الحقيقي لأسعار العقارات السكنية بمعدل سنوي من 20.6% خلال يناير 2022 بصورةٍ متدرجة إلى أن وصل إلى 12.3% بتاريخ 11 أغسطس 2022، وعلى الرغم من تباطؤ النمو السنوي لمتوسط أسعار الفلل السكنية من 13.3% (يناير 2022) إلى 1.8% (أغسطس 2022)، وتباطؤه للشقق السكنية من 8.0% (يناير 2022) إلى 2.5% (أغسطس 2022)، فلم تحدث نفس الوتيرة من التباطؤ على المتوسط العام لأسعار الأراضي السكنية، الذي تباطأ بوتيرةٍ أقل من 20.9% (يناير 2022) إلى 12.5% (أغسطس 2022).
وبيّن أن تراجع أداء السوق العقارية أخيراً يتزامن مع التراجع الكبير في حجم الإقراض العقاري السكني، الذي انخفض وفقاً لبيانات البنك المركزي السعودي بنسبة -18% خلال النصف الأول من 2022، بالمقارنة مع نفس الفترة من العام الماضي، وانخفض بدرجةٍ أكبر على مستوى أعداد العقود التمويلية لنفس الفترة بنسبة -21.2%.