ملاحظة المحرر: كتبت الدكتورة نيها شودهاري، اختصاصية علم نفس للأطفال والمراهقين، وكبيرة المسؤولين الطبيين في BeMe Health، والعضوة بهيئة التدريس في مستشفى ماساتشوستس العام، وكلية الطب بجامعة هارفارد، هذا الموضوع لـCNN
(CNN) — في عالم يعيش انقسامًا غالب الأحيان، يسهل أن نغفل عن أمر واحد يشترك فيه جميع البالغين، أنّنا جميعًا كنا أطفالًا ذات مرة. ويلعب مقدمو الرعاية والمعلمون أدوارًا جوهرية في تكوين صحتنا العقلية، ووجهات نظرنا للعالم، وقدراتنا على التعامل مع تقلبات الحياة.
وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أنّ واحدًا من كل أربعة أشخاص في العالم سيعاني من حالة صحية عقلية خلال حياته.
وبصفتي معالجة نفسية للأطفال والمراهقين، أعتقد أنه إذا استثمرت كل مدرسة وعائلة بوضع مبادئ توجيهية لكيفية دعم صحة الشباب العقلية، خصوصًا خلال سنوات المراهقة التكوينية، فسيتمتّع المزيد من الأطفال بالمهارات والدعم الذي يحتاجونه للنمو على نحو صحي خلال مرحلة البلوغ.
إليكم ما يجب أن يتضمّنه دليل التشغيل هذا:
توفير تعليم جيد حول الصحة النفسية
الخطوة الأولى لمعالجة أي مشكلة تكمن بالاعتراف بوجودها. وهذا الأمر يسري على الصحة العقلية. يمكن للمدارس والعائلات التأكد من أنّ الأطفال والمراهقين يتلقون معلومات حول الصحة العقلية، وذلك بدءًا من إدراك علامات وعوارض الحالات الشائعة، ووصولًا إلى نصائح حول كيفية الحفاظ على الرفاهية العامة وتحسينها.
وستتمكن المدارس من تحسين قواعد المعرفة لدى الأطفال حول هذا الموضوع، من خلال تضمين منهج رسمي مفهوم للصحة العقلية وماهية الحالات. وهذا الأمر سيساعدهم على تحديد ما إذا كانوا يعانون قبل فوات الأوان، أو تقديم المساعدة لمن يحتاجها من الأصدقاء، أو حتى اكتشاف المعلومات الخاطئة وتبديدها عندما يصادفونها في أماكن يقصدونها تلقائيًا، مثل وسائل التواصل الاجتماعي.
ولا تحتاج الدراسة حول الموضوع للبدء والانتهاء في المدارس. إذ يمكن لمقدمي الرعاية أيضًا الشروع بتعليم الأطفال ما يعرفونه عن الصحة العقلية، ومشاركة أي من حالات الصحة العقلية التي شهدها تاريخ العائلة، وتشجيع أطفالهم للجوء إلى موارد أخرى تزودهم بالمزيد من المعرفة.
استحداث مساحات آمنة للتحدث
وينمو شباب اليوم في عصر لم تعد فيه الصحة العقلية في خانة المحرمات، أخيرًا. ورغم ذلك، ما زالت المصارحة صعبة. وبهدف إنشاء مساحات آمنة لهذه المحادثات، نحتاج إلى دعوة الأطفال، أكانوا أطفالًا صغارًا أم مراهقين أكبر سنًا، لمشاركة ما يفكرون فيه ويشعرون به من دون الحكم عليهم، أو انتقادهم، أو إنكارهم.
وحدّد كل يوم جمعة لتسجيل وصول استباقي للمدرسة، أو اسأل كيف يشعر الجميع حين يجتمعون حول مائدة العشاء في المنزل أيام الثلاثاء. ومن خلال جعل الصحة العقلية جزءًا من المحادثة المعتادة، فإننا نبعث برسالة مفادها أنه لا بأس بألّا تكون على ما يرام، وأن الصحة العقلية مهمة، وأنه يمكننا تقديم الدعم لبعضنا عبر ما نصادفه في حياتنا.
تزويدهم بمجموعة أدوات حول مهارات التأقلم
وأحد الأسئلة الأكثر شيوعًا التي يطرحها الأهل والمراهقون تتمحور حول ما يجب فعله حيال ضغوط الحياة المستمرة. ونصيحتي هي نفسها في كل مرة: هذه الضغوطات لن تتوقف. لذا، لنتعرف على كيفية التكيف مع المشاعر المرافقة لها والتعامل معها، واحدة تلو الأخرى.
وليس معقد نسبيًا إنشاء مجموعة أدوات للتأقلم، والمهارات نفسها تعمل بشكل جيد للغاية على تهدئة مراكز المشاعر في الدماغ.
وأشجع الأطفال على كتابة قوائم بالأنشطة التي تساعدهم على نحو أفضل للشعور بالتحسن عندما تنتابهم تلك المشاعر الشديدة، سواء كان ذلك من خلال الاستماع إلى الموسيقى، أو القيام ببعض القفزات، أو قراءة كتاب، أو إلهاء أنفسهم بمهمة مثل طي كومة من الغسيل.
وقد يستغرق الأمر بعض الاختبارات للتمكن من تحديد مهارات المواجهة الأكثر فائدة، لكن بمجرد تحديدها، يجب إضافتها إلى تلك القائمة واستخدامها مرة أخرى. ومن السهل إعداد هذه القوائم، سواء في الصف أو في المنزل، ويجب أن يتمكن الأطفال من ممارسة مهاراتهم في البيئتين.
وضع خطة للحصول على دعم إضافي
وما أن يشخّص طفل بأنّه يعاني من مشكلة صحية عقلية محددة، قد يصعب معرفة كيفية ومكان الحصول على المساعدة. لكن يمكن وضع خطة استباقية موضع الاستخدام في حال مواجهة سيناريو صعب يحتاج بموجبه الطفل إلى الدعم في الوقت المناسب.
ويجب على الأساتذة ومقدمي الرعاية معرفة متى وكيف يحيلون الأطفال إلى تقييم رسمي للصحة العقلية، أو العلاج المختص. وعلى الأهل معرفة كيفية طلب التسهيلات في المدرسة، كما يتوجب على المدارس النظر بإقامة شراكات مع المنظمات المجتمعية، والشركات، وممارسات الصحة العقلية المحلية.
خطة أمان لوقت الأزمات
وشهدت غرف الطوارئ ارتفاعًا بالسلوكيات الانتحارية بين الشباب بشكل ملحوظ خلال الجائحة، ما يسلّط الضوء على الحاجة إلى الدعم خلال الأزمات، خصوصًا بين فئة المراهقين. ورغم ذلك، قد يصعب معرفة ما يجب القيام به في هذه الفترات الصعبة. لكن يمكن للتخطيط الاستباقي للسلامة في المنزل أو في المدرسة أن يزود الأطفال بمجموعة من الخطوات التي عليهم اتباعها حين يواجهون وقتًا عصيبًا. وقد تتضمن الخطة قائمة بأسماء البالغين الموثوق بهم، وأساليب لجعل بيئة ما آمنة، وأرقام هواتف مشتركة لخطوط الأزمات، بينها 988 Suicide & Crisis Lifeline أو Crisis Text Line.
تضمين أصوات الشباب
وفي نهاية المطاف، لا شيء يوازي أهمية أكثر من توجيه سؤالًا للأطفال في عائلتك أو صفك في المدرسة عن المكان الذي يتواجدون فيه، وما الذي يحتاجون إليه، وما الذي يساعدهم للشعور بالدعم. وإذا أردنا دعم الشباب بشكل أفضل، فنحن بحاجة إلى قضاء المزيد من الوقت نصغي ونفهم حتى نتمكن من تلبية احتياجاتهم، ونضع افتراضاتنا جانبًا.
الصحة النفسية للشباب هي في الحقيقة مسؤولية مشتركة. إذا تعاونا معًا، في الفصول الدراسية، والمنازل، وغيرها، قد نتفاجأ بما سيكون عليه الجيل القادم.