يبحث لبنان وإسرائيل نص اتفاق طرحه الوسيط الأميركي آموس هوكستين، لترسيم الحدود البحرية بينهما، وفي حال توقيع البلدين الاتفاق سينهي مفاوضات بدأت في عام 2020، كما ينتظر أن يؤدي لعوائد اقتصادية.
تسلم الرئيس اللبناني ميشال عون، السبت، مقترحاً خطياً من الوسيط الأميركي لترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، نقلته إليه سفيرة الولايات المتحدة الأميركية في لبنان دوروثي شيا. وفي وقت سابق الأحد قالت الحكومة الإسرائيلية إنها موافقة “بشكل أولي” على المقترح الأميركي.
وفي هذا التقرير، تحاول “الشرق” الإجابة عن أبرز الأسئلة التي تطرح عن هذا الاتفاق.
ماذا يتضمن الاتفاق؟
لم يصدر عن أي من البلدين إعلان رسمي لبنود الاتفاق، لكن مصدر لبناني كشف لـ”الشرق” في وقت سابق أن المقترح الأميركي “يتضمن إقامة منطقة أمنية بحرية أشبه بمنطقة عازلة، تكون تحت رقابة الأمم المتحدة”.
وأكد أن “هذه المنطقة، ومسار خط الطفافات البحرية التي تحدد الحدود البحرية بين البلدين، لن تكون مرتبطة بأي شكل من الأشكال بأي نقطة حدودية على البر اللبناني”، في إشارة إلى النقطة B1 التي سبق أن طالبت إسرائيل بالسيادة عليها، والتي تقع عند منطقة رأس الناقورة الحدودية، وهي عبارة عن موقع استراتيجي جداً يطل على الأراضي الإسرائيلية”.
وشدد المصدر على أن “المقترح الذي سيتسلمه لبنان، يتضمن سيادة لبنانية كاملة على حقل قانا البحري، بما يعيد إلى الأذهان معادلة (قانا مقابل كاريش) التي سبق أن أطلقها الجانب اللبناني من قبل”.
ونفى المصدر وجود أي نوع من أنواع الشراكة المباشرة وغير المباشرة في ما يتعلق بأعمال التنقيب عن النفط والغاز واستخراجهما من الحقول المحاذية لبعضها البعض أو المتداخلة بين الجانبين”.
وعلى الجانب الإسرائيلي، قال مصدر سياسي إسرائيلي رفيع، الأحد، في حديث مع الصحافة الإسرائيلية، إن الاتفاق سيمنح إسرائيل “إنجازاً مهماً” وهو خط العوامات بطول خمسة أميال يبدأ من الشاطئ ويمتد إلى البحر الأبيض المتوسط، والذي حددته إسرائيل من جانب واحد لأغراض أمنية، إذ سيتم الاعتراف به رسمياً وسيتم منحه ضمانة أميركية لاستمرار وجوده، باعتباره “المقطع الحدودي الشمالي للمياه الإقليمية “.
ووفق المصدر الإسرائيلي “يقطع الاتفاق حقل كاريش إلى قسمين، بحيث يبقى جزء صغير منه في إسرائيل”، ويتم منح تل أبيب تعويضاً مالياً عن الغاز المنتج من الحقل في المنطقة الإسرائيلية.
ما أبرز نقاط الخلاف؟
كان بدء إسرائيل في يونيو الماضي باستكشاف الغاز الطبيعي في حقل “كاريش” النفطي بالبحر المتوسط؛ شرارة التوتر التي دعت الولايات المتحدة للعب دور في اتجاه استئناف التفاوض، إذ تقول إسرائيل إن الحقل يقع ضمن منطقتها الاقتصادية، بينما يدفع لبنان بأن جزءاً كبيراً من الحقل يقع داخل حدوده، حال الاحتكام للخط الحدودي البحري رقم 29، الذي تبلغ مساحته 1430 كيلومتراً مربعاً.
في رسالته الأخيرة إلى الأمم المتحدة بشأن مفاوضات الحدود البحرية المشتركة مع إسرائيل، العام الماضي، طالب لبنان بتعيين الخط 29 بدلاً من الخط 23 (تبلغ مساحته 360 كيلومتراً مربعاً). وهذا يعني مطالبته بمساحة إضافية لحدوده البحرية (باتجاه إسرائيل) تبلغ 1430 كيلومتراً مربعاً، ما أدى لوقف مفاوضات كانت قد بدأت في أكتوبر 2020.
من المستفيد؟
يضع الاتفاق الأساس القانوني الذي يمكن للبلدين من خلاله الشروع في الاستفادة من الاحتياطيات الكبيرة من الغاز الطبيعي والنفط في شرق المتوسط، خاصة بالنسبة لحقل “كاريش”، الذي يقدر أن يحتوي على 1.75 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي، ونحو 61 مليون برميل نفط.
وفي المقابل، سيقوم لبنان باستكشاف حقل “قانا” لتحديد حجم احتياطيات الغاز الطبيعي به، إلا أن هناك احتمالية لعدم وجود احتياطيات في ذلك الحقل، وفق تصريح لمساعد وزير الخارجية الأميركي الأسبق ديفيد شينكر لـ”الشرق”، وكذلك تصريح مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى للصحافة الإسرائيلية.
متى يبدأ الإنتاج؟
أعلنت إسرائيل قبل أسبوعين أنها تستعد لبدء العمل في حقل “كاريش” البحري للغاز، وأكدت شركة “إينيرجيان” في الثامن من سبتمبر أنها جاهزة للبدء “في غضون أسابيع قليلة” بالإنتاج من الحقل، فيما قالت الحكومة الإسرائيلية إنها “تستعد لربط الحقل” بشبكتها الوطنية.
أما على الجانب اللبناني، فإن أي عملية استخراج للنفط أو الغاز من الحقول المتفق عليها ستتطلب سنوات.
ما الأثر الاقتصادي لاتفاق ترسيم الحدود البحرية؟
من المتوقع أن يتيح إنتاج حقل “كاريش” لإسرائيل زيادة صادراتها من الغاز إلى أوروبا. وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لبيد الشهر الماضي في برلين، “سنشارك في الجهود الرامية إلى إيجاد بديل من الغاز الروسي في أوروبا”، مضيفاً أن إسرائيل تعتزم تزويد أوروبا بـ 10% من الكميات التي كانت توفرها روسيا قبل هجومها على أوكرانيا في 24 فبراير.
وبحسب وكالة “فرانس برس” يفترض أن تستخدم كميات الغاز التي سينتجها حقل كاريش لسد حاجات السوق المحلية الإسرائيلية، وأن تساعد في زيادة الصادرات من منصتي “ليفياثان” و”تمار” المرتبطتين بمدينة أشدود جنوب البلاد.
وفي الجانب اللبناني، فإن بدء الإنتاج يعني توفر المزيد من الإيرادات الحكومية، في بلد يعيش أسوأ أزمة اقتصادية عرفها تاريخه الحديث.
اقرأ أيضاً:
Google News تابعوا أخبار الشرق عبر