بعد يوم واحد من لقاء رئيسة وزراء بريطانيا الجديدة، ليز تراس، بالملكة لقبول تشكيل حكومة جديدة، توفيت إليزابيث الثانية عن عمر ناهز 96 عاما.
عادت تراس إلى داونينغ ستريت بعدما قطعت 1600 كيلومتر ذهابا وإيابا للقاء الملكة إليزابيث الثانية في المرتفعات الإسكتلندية، حيث قبلت الدعوة لتشكيل حكومة.
وجرى اللقاء الذي استمر 30 دقيقة في قصر بالمورال بإسكتلندا بعدما قررت الملكة عدم التوجه إلى لندن بسبب مشكلات صحية.
وقالت مجلة “بوليتكو” الأميركية إن وفاة الملكة الأطول حكما لبريطانيا يعد بمثابة لحظة تغيير عميقة للبلاد – وتحديا هائلا لرئيسة الوزراء الجديدة بعد يومين من توليها المنصب.
كانت تراس قد جلست لتوها في مجلس العموم، الخميس، بعد أن كشفت عن خطتها التي طال انتظارها للتعامل مع فواتير الطاقة المتصاعدة في بريطانيا، وهي أكبر قضية سياسية لهذا العام.
ويعتبر إعلانها، الذي يقدر بنحو 100 مليار جنيه إسترليني لتجميد الفواتير عند مستواها الحالي، سيكون أحد أكبر التدخلات المالية على الإطلاق من قبل حكومة المملكة المتحدة في وقت السلم.
كانت تعلم أن رئاستها للوزراء سيتم الحكم عليها من خلال كيفية وصولها إلى الجمهور. ولكن عندما جلست، تغير العالم – حيث تلقت تحديث طارئ حول صحة الملكة.
وضع الأطباء الملكة إليزابيث تحت الإشراف الطبي. كانت أقرب عائلتها، بمن فيهم ابنها تشارلز، في طريقهم بالفعل إلى بالمورال.
بعد أربع ساعات وتحديدا في الساعة 4.30 مساءً، تم إبلاغ تراس بوفاة الملكة من قبل سايمون كيس، أكبر موظف حكومي لها.
قال جيريمي بلاك، مؤرخ حزب المحافظين ومؤلف كتاب “بريطانيا منذ عام 1945” إن “لحظات الانقطاع – ووفاة أطول ملوك بريطاني هو مثال رئيسي على ذلك – تستدعي الحاجة إلى الحنكة السياسية من اللاعبين السياسيين الآخرين المهمين”.
وأضاف أن “الحاجة إلى المهارة السياسية غير مسبوقة تقريبا. بالنسبة للمؤرخين، ستكون هذه لحظة حاسمة في سمعة رئيس الوزراء تراس. إذا نجت من هذه الأزمة وأظهرت القيادة اللازمة، فستخرج منها بمديح المستقبل”.
“لا يمكنها فعل شيء”
كان من المقرر أن تعتمد تراس خطتها بشأن فواتير الطاقة وتلتقي بالرئيس الأميركي، جو بايدن، وقادة العالم الآخرين في الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك ثم تخفض الضرائب في حدث مالي كبير منتصف سبتمبر.
لكن وفاة الملكة وما تلاها من فترة الحداد الوطني التي تستمر 10 أيام أوقفت أفضل خططها لإخراج البلاد من أسوأ أزمة اقتصادية منذ عقود.
وتواجه تراس تحديا جديدا تماما – الارتقاء إلى مستوى المناسبة كرئيسة وزراء مبتدئة في لحظة تاريخية تمر بها البلاد، إذ تعتمد الآن على طريقة استجابتها لوفاة الملكة بدلا من خطتها السابقة بتجميد فواتير الطاقة.
كان توني بلير آخر رئيس وزراء وجد نفسه في موقف مشابه بعد أن أكمل شهره الخامس في السلطة عندما توفيت الأميرة ديانا بشكل غير متوقع في حادث سيارة عام 1997.
كانت إشارة بلير التي لا تُنسى إلى ديانا على أنها “أميرة الشعب” في خطابه في ذلك اليوم متناغمة مع الأمة، ودخلت التاريخ بالفعل.
وارتفعت معدلات التأييد له لتصل إلى 93 بالمئة عشية مؤتمر حزب العمال في سبتمبر للعام ذاته. ونال الثناء على تعاطفه في وقت تعرض فيه بقية أفراد العائلة المالكة لانتقادات شديدة بسبب رد فعلهم الصامتة على وفاة ديانا.
قال أستاذ التاريخ السياسي بجامعة نوتنغهام، ستيفن فيلدنغ، “كانت ستستخدم الأيام القليلة القادمة لتأسيس شخصية. عندما يتأخر حزبك بنسبة 10 إلى 15 بالمئة وتتولى زمام الأمور للتو، فأنت تريد إحداث تأثير كبير”.
وتابع: “كانت ترغب في استخدام هذه اللحظة لوضع بصمة لها بطريقة حزبية للغاية وتخلق خطوطا فاصلة بينها وبين (زعيم حزب العمال) كير ستارمر”.
وقال إنه “بينما تحزن الأمة على رحيل الملكة، لا يمكنها فعل أي شيء آخر سوى البقاء في الخلف. إذا حاولت إدخال نفسها في أي شيء ، فقد يرتد ذلك عليها بشكل سيء للغاية”.