أبوظبي في الأول من أكتوبر / وام / سلط معرض أبوظبي الدولي للصيد والفروسية الضوء على تاريخ وتراث دولة الإمارات الذي كان الحاضر الأبرز ضمن الأعمال الفنية واللوحات التشكيلية التي زيّنت قسم الفنون بالمعرض والذي تضمن طيفا واسعا من مبدعين ومبدعات قدموا للجمهور باقة فنية مبهرة على مدى أيام الحدث ومنهن التشكيلية الإماراتية أسماء الهاملي التي أكدت أن الفن يلعب دورا رئيسا في تسجيل تاريخ وتراث أي دولة وهو ما عمدت إليه عبر لوحاتها الفنية التي شاركت بها في النسخة الحالية من المعرض.
وبينت الهاملي أن أعمالها تعكس جوانب من تراث دولة الإمارات والجزيرة العربية والمجموعة التي يطالعها جمهور المعرض تتضمن أشكالاً من السيوف والخناجر التي استخدمت في شبه الجزيرة العربية وبلاد الشام إذ قامت برسمها بتقنية تعكس التاريخ المشترك لهذه المنطقة حيث من معروف أنّ السيف العربي يتميز بقوته وصلابته مقارنة بالأنواع الأخرى من السيوف.
وهناك لوحة تتضمن سيف الرزفا الإماراتي وأخرى لسيف الكتارة وثالثة لخنجر يخص المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم رحمه الله وهذا الخنجر موجود في متاحف الشندغة إلى الآن كذلك لوحة للصقر الذي يعكس قوة وصلابة الإنسان البدوي وقدرته على التصدي للتحديات المحيطة به.
إضافة إلى ذلك يتضمن ركن الفنون لوحات مستوحاة من الأشعار والأهازيج الذين كان يشدوا بها أهل البحر قديماً حين يذهبون في رحلات الغوص الطويلة والبحث عن اللؤلؤ ومنها لوحة تحمل إسم “المحمل” استلهمتها من قصيدة لجد الفنانة محمد الهاملي الذي كان نواخذة مُتقناً للشعر النبطي وفي إحدى رحلاته إلى منطقة دلما ظهر نجم سهيل في السماء مؤذنا بانتهاء موسم الغوص فأخذ ينشد الشعر داعيا البحارة إلى “القفال” والعودة إلى الديار بعد غياب أشهر عديدة عن الأهل والأحبة فكانت اللوحة خير تعبير عن تعلقها بتاريخ وتراث الأهل في الإمارات والتي مزجت فيها بين الفن والتاريخ والشعر.
وأوضحت الهاملي أن حضورها في المعرض للمرة الثانية يأتي بعد نجاح مشاركتها الأولى تحت مظلة نادي تراث الإمارات في النسخة الماضية من معرض أبوظبي الدولي للصيد والفروسية الذي يتيح لأبناء الإمارات عرض مواهبهم في أجواء كرنفالية تنقل أعمالهم إلى أعداد كبيرة من كل الجنسيات.
من جهته يعد سجل أبوظبي للحرفيين أيقونة تراثية في المعرض فهناك زخم من الحرف التراثية الإماراتية تضمنها جناح “أبوظبي للحرفيين” والذي يعرض نماذج من مشغولات يدوية إماراتية أبدعتها أنامل الأمهات من حاميات التراث وحرصن على تقديمها إلى جمهور المعرض عبر هذه المشاركة.
وقالت قماشه سيف المهيري مدير مشروع سجل أبوظبي للحرفيين التابع لدائرة الثقافة والسياحة -أبوظبي إن السجل يساهم باستمرار في نشاطات المعرض باعتباره منصة محورية للتعريف بالتراث الإماراتي وجذب قطاعات أوسع من بنات الإمارات لتعلّم أساسيات الحرف اليدوية والتدريب عليها من خلال ورش العمل والفرص التدريبية التي تتيحها عبر برامج سجل أبوظبي للحرفيين والتي تقام في أكثر من موقع في أبوظبي والعين والتي تتراوح مدة كل منها بين 20 يوماً وشهر بحسب نوعية الدورة المقدمة.
وأوضحت المهيري أن برامج السجل موجهة في الأساس للسيدات ونستفيد من قدرات الخبيرات التراثيات من الوالدات والجدات في تقديم ما يعرفونه من حرف يدوية إلى الزهرات الصغيرات كما نقوم بدعم النساء اللواتي يتعلمن هذه الحرف بعرض أعمالهن وإيجاد مصدر إضافي للدخل اعتماداً على مشغولاتهن اليدوية.
ومن أبرز المنتجات المتضمنة الخوص والتلي والسدو وصناعة البراقع والعطور حيث يمكن للجمهور مطالعة أشكال من حقائب اليد وحوامل الهواتف المحمولة والدفاتر والأساور.
وقالت إن البرامج التدريبية للحرفيين تأتي استكمالا لسياسة دائرة السياحة والثقافة- أبوظبي لإنشاء سجل الحرفيين مع الاهتمام بالتدريب وتطوير كفاءتهم عبر برامج وخطط مدروسة وفاعلة بما يسهم في إدماج الحرف والصناعات اليدوية في عجلة التنمية المستدامة التي يُعوّل عليها كثيرا في توفير المزيد من فرص العمل للشباب وزيادة مستوى دخلهم نتيجة انخفاض رأس المال الذي يحتاجه الحرفيون وانخفاض تكلفة الخامات اللازمة للتصنيع.
وأكدت المهيري أن هذه الجهود تتناغم مع غيرها من الأنشطة التي تتولاها مؤسسات مختلفة في الدولة بهدف الحفاظ على الحرف اليدوية من الانقراض باعتبارها عنصرا رئيسا من مكونات التاريخ والتراث الإماراتي ينبغي الحفاظ عليه والحرص على تقديمه إلى الأجيال الجدية في قالب جذاب.
كما أشادت بالدعم الذي توفره دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي للحرفيات التراثيات عبر حرصها على إيجاد منصّات لعرض هذه الأعمال في الفعاليات والمعارض المحلية والعالمية ويُعدّ ذلك تشجيعا للحرفيات وترويجاً لإبداعاتهن على أرقى مستوى لما يُقدّمنه من مشغولات ومنتجات يدوية إماراتية أصيلة.
من جهتها قدمت صفية الهاشمي التشكيلية الإماراتية المتميزة عدداً من اللوحات الفنية مستلهمة من التراث والبيئة الإماراتية بما يتماشى مع الشعار العام للمهرجان هذا العام “استدامة وتراث.. بروح متجددة” كون الشعار يعبر بصدق عن المحتوى الثري والهادف الذي لا تُخطئه العين في كل زاوية من أرجاء الحدث الكبير.
وبينت أنها تشارك للمرة الثانية في معرض أبوظبي الدولي للصيد والفروسية إذ سبق وأن شاركت في الموسم الماضي بلوحتين تحملان أفكارا معبرة عن تراث الأهل والأجداد أما لوحات هذا العام تركز على الحبارى والصقور لما يمثلانه من قيمة في الموروث المحلي وجماليات البيئة الإماراتية كذلك عرضت لوحة لحروفيات الخط الديواني مكتوباً بها أبيات شعرية على خلفية خيل يزين اللوحة.
وأوضحت الهاشمي أنّ اهتمامها بالتراث ينطلق من اعتزازها بهوية الإمارات وسعيها إلى نشر ثقافة الدولة في كافة المحافل وأمام كل الجنسيات التي نرى الكثير منها يزورون المعرض بشكل يومي وبأعداد كبيرة وبطبيعة الحال الإنسان ابن بيئته ويحب رصد الملامح التراثية ولذلك لديها العديد من اللوحات في هذا الإطار منها لوحة تحمل رؤية المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيّب الله ثراه واللوحة تحمل إسم “من الصحراء إلى الفضاء” وهناك لوحة أخرى مستلهمة من فترة كورونا تحمل رسالة التطمين في قول “لا تشلون هم” التي اتخذها أهل الإمارات والمُقيمون عنواناً للشعور بالأمان خلال فترة الجائحة إذ اشتملت اللوحة حروفيات باستخدام تقنيات فن الجرافيتي.
وكشفت الهاشمي أن طموحها في الفن التشكيلي يرتبط بقدرتها على عرض ثقافة الإمارات بشكل جذاب إلى الجميع خاصة وأن المجتمع الإماراتي يتسم بخصائص سلام ومحبة وحسن ضيافة يندر أن تتكرر بين شعوب الأرض.
وعبر اللوحات التي تسعى إلى إنجازها مستقبلا ستعمل على التعريف بتراث بلدها والنهضة الحضارية اللافتة التي حققتها خلال عقود قليلة وهو ما يُعدّ إنجازاً غير مسبوق على الصعيد الإنساني في العصر الحديث.
وأشادت الهاشمي بفكرة إتاحة الفرصة أمام فنانين من بلدان مختلفة لطرح أعمالهم في المعرض ما جعل منه منصّة عالمية على أرض الإمارات لعرض الفنون ليزدان بثقافات وأفكار غنيّة وهو ما تعودنا عليه في وطننا الغالي كونه دوماً مُلتقى للحضارات وبوتقة تنصهر فيها ثقافات العالم في إطار من الحب والتسامح.