دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)– تمر أوروبا بصيف كارثي آخر والسبب ليس الجائحة.. يبدو أن القارة تشهد أسوأ موجة جفاف في التاريخ.
فوفق المرص الأوروبي للجفاف التابع للاتحاد الأوروبي، فقد تمّ تنبيه وتحذير قرابة 63٪ من الأراضي في أنحاء الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة من التعرّض لموجة جفاف، الأسبوع الماضي.
وصدرت هذه النسبة قبل إعلان المملكة المتحدة ضرب الجفاف ثمانية من أصل 14 منطقة.
وهناك تنبيهات جديدة في هذا الصدد يعلن عنها يوميًا.
وفي حين تبدو المناظر الطبيعية جافة جدًا، ظهر للعيان تراجع مستويات المياه.
فالأنهار والبحيرات تجف، إضافة إلى أنّ لموجة الجفاف آثار مدمرة على قطاعَي التجارة والصناعة. والأسوأ من ذلك، يقول الخبراء أنّ هذه علامة مقلقة لما يتوقع مستقبلًا.
يُعد نهر الراين، الذي يبلغ طوله 766 ميلًا، أحد أهم طرق التجارة في أوروبا. ويعتبر أيضًا خط سير للرحلات النهرية السياحية الكلاسيكية.
لكن، يبدو أنّ بعض أحلام الممرات المائية هذه بدأت تلامس القاع.
انخفض منسوب المياه في بلدة كاوب الألمانية إلى 36 سنتيمترًا فقط، وفق الأرقام الرسمية. ويعد هذا رقم متدني على نحو مدمر، لأنّ الشحن التجاري حد 40 سنتيمترًا يصبح غير مربح.
تقول كلير ويدن، المحاضرة الرئيسية في السياحة والتسويق بجامعة برايتون، إن هذا الأمر ليس بخبر جديد.
وأوضحت: “أي شخص يدير قوارب الرحلات النهرية أدرك ذلك، بسبب الطريقة التي تغيّر بها المناخ خلال الـ20 سنة الماضية”، مضيفة أن المستويات المنخفضة على نهر الراين والدانوب شهدت حوادث نقل ركاب من ضفة إلى أخرى خلال السنوات الخمس أو الست الماضية.
ومع وجود أزمة المناخ، ستعاني الرحلات النهرية التقليدية في أوروبا حتمًا.
ووصفت هيلين بروكيلو، من شركة “برومال فاكيشنز”، الاختصاصية بالرحلات البحرية، رحلة النهر في أوروبا بأنها “أهم شيء نبيعه هذا العام”.
ورغم أن عملاءها لم يتأثروا بعد، تقول بروكيلو إنه بين زملائها الوكلاء، تم إلغاء رحلة أحد العملاء هذا الأسبوع، وتم تعديل خط سير رحلة أخرى.
ويتم تعديل الرحلات النهرية في اللحظات الأخيرة قبل انطلاق الرحلة، لأنها تعتمد على مستويات المياه والمطر.
وأوضحت بروكيلو أن العديد من قوارب الرحلات النهرية مبنية خصيصًا بهياكل مسطحة للتعامل مع مستويات المياه المنخفضة.
وفي عام 2017، حجزت بروكيلو لنفسها سفينة إبحار على نهر الراين مع وكالة Emerald، لتقع على “مستويات منخفضة جدًا” من المياه.
وتقول: “استطعنا أن نشعر في الواقع بالسفينة وهي تلمس قاع النهر”.
وتابعت: “لم نر القبطان أبدًا بعد الليلة الأولى.. مكث على الجسر للتأكد من التعامل مع السفينة بعناية”.
وأوضحت: “بناء السفينة وخبرة القباطنة أمران مهمان للغاية، عندما يكون الطقس على هذا النحو”.
وتنصح بروكيلو بالقيام برحلة نهرية في وقت مبكر من الموسم، حيث لا تشكل مستويات النهر مشكلة إذا كان السفر خلال شهري مايو/أيار أو يونيو/ حزيران، عوض شهري يوليو/ تموز أو أغسطس/ آب.
وبالنسبة إلى أؤلئك الذين حجزوا بالفعل، احرص على إجراء مكالمات منتظمة مع خطوط الرحلات النهرية للتحقق من الظروف الحالية.
وصرّح مسؤولون ألمان لـCNN، أنّ هذه الظروف مدمرة للغاية، وتعد المستويات “منخفضة بشكل استثنائي” في بعض المناطق.
إذًا، ما هو المرتقب هذا العام؟
تقول الرابطة الدولية لخطوط الرحلات البحرية: “مشغّلو الرحلات النهرية يراقبون الوضع ويستجيبون بشكل مناسب بالتنسيق مع السلطات المختصة”.
وبالطبع، ستكون سلامة الضيوف والطاقم أساسية في أي قرار يتعلق بمسارات الرحلة.
وينص موقع Viking Cruises على أن “مستويات المياه المنخفضة ستؤثر على مسارات نهرية محددة”.
وسيتم الاتصال بالمسافرين المتضررين من خلال خط الرحلات البحرية.
لم تتأثر الأنهار وحدها بموجة الحر الكبيرة، إنما البحيرات أيضًا.
تقترب أكبر بحيرة في إيطاليا، لاغو دي غاردا، من أدنى مستوياتها على الإطلاق، ما يضيف مساحة من الأرض حول شبه جزيرة سيريميوني.
ويقع نهر تيسا على حدود منتزه Hortobágy الوطني، وهو يعكس منظرًا طبيعيًا من السهول والأراضي الرطبة.
وتم إحضار الحيوانات هنا للرعي منذ حوالي عام 2000.
ويقول كرافيانسكي: “إنها إحدى السمات المميزة لهنغاريا.. أمر مفجع أن نرى كيف تجف ببطء، وكيف بدأت الطيور تتجنب المنطقة أو التعشيش بشكل أقل حول الحديقة الوطنية”.
وقالت سوزان إيتي، مديرة الأثر البيئي في Intrepid Travel، التي تصف هذا الصيف بأنه “دعوة لاستيقاظ القطاع بأكمله”، أنّ “السفر يحتل مقعدًا أماميًا لجهة الوجهات التي نزورها عند تغيّر المناخ.. وإذا أصبح هذا صيفًا اعتياديًا، فسيؤثر بشكل كبير على قطاعنا، ما لم يتم اتخاذ إجراءات عاجلة بشأن تغير المناخ.. الحقيقة أن الطقس المتطرف سيؤثر على الوجهات والمجتمعات التي نزورها”.
أما جوستين فرانسيس، الرئيس التنفيذي لشركة Responsible Travel فأوضح أنّ “الأماكن التي نستطيع التزلج فيها على الجليد تقلصت، وهذا الأمر سينسحب على الإبحار في النهر خلال 20 عامًا”.
وأوضحت ويدن أن هذا العام يؤكد أن “تغير المناخ لا يتعلق فقط بالحرارة، بل أيضًا بالمياه”.
وتابعت: “نظرًا إلى أن الطقس يصبح غير قابل للتنبؤ به، أعتقد أنه سيكون هناك نوع من إعادة الضبط”.