01:09 م
الإثنين 22 أغسطس 2022
القاهرة- مصراوي:
توقعت وكالة موديز للتصنيف الائتماني أن يختار صانعو السياسات النقدية في مصر مسارا تدريجيا لخفض قيمة الجنيه بدلا من التعديل الحاد لتخفيف التضخم بشكل عام، وعلى وجه الخصوص تضخم أسعار المواد الغذائية الذي سجل أكثر من 22% على أساس سنوي في يوليو.
وقالت الوكالة، في تقرير لها، إن هذا التوقع يأتي بافتراض أن الاستثمارات التي تعهدت بها الدول الخليجية والمستثمرون الآخرون ستحقق خلال الأشهر القليلة المقبلة.
وأضافت أن فعالية مسار هذا الاختيار ستعتمد على استمرار تدفقات التمويل من دول مجلس التعاون الخليجي والمصادر الرسمية الأخرى من أجل التخلص من حلقة مفرغة يقودها صافي تدفقات رأس المال الخارجة، وانخفاض قيمة العملة، والتضخم، وارتفاع تكاليف الاقتراض المحلي والخارجي، وانخفاض القدرة على خدمة الديون.
وأشارت الوكالة إلى أن اعتماد هذا الخيار لا يخلو من المخاطر لأن سياسة سعر الصرف التي تعتبر صارمة يمكن أن تزيد من تأخير الاتفاق على برنامج جديد لصندوق النقد الدولي واستعادة إمكانية الوصول إلى الأسواق.
وشهد سعر صرف الجنيه تراجعا ملحوظا مقابل العملات الأجنبية خلال الشهور الأخيرة، وارتفع سعر الدولار بنسبة وصلت إلى 21.7% عند مقارنة مستواه اليوم بما كان عليه في 20 مارس الماضي قبل التحركات الملحوظة لسعر الصرف، حيث وصل متوسط السعر في البنوك إلى 19.10 جنيه للشراء و19.18 جنيه للبيع اليوم.
ويواجه سعر صرف الجنيه مقابل العملات الأجنبية عددا من الضغوطات على رأسها تراجع موارد النقد الأجنبي بسبب تداعيات الحرب الروسية على أوكرانيا، وتشديد السياسة النقدية عالميا، إلى جانب تشديد الإجراءات المتعلقة بالاستيراد مما أسهم في تراجع المعروض من بعض أنواع السلع بالأسواق وبالتالي قد يؤدي أي تغيير في هذه الإجراءات إلى زيادة كبيرة في الطلب على العملات الأجنبية.
وتتفاوض مصر مع صندوق النقد الدولي لإطلاق برنامج تعاون جديد مصاحب بتمويل يسهم في سد الفجوة التي تعاني منها مصر، وهو ما يأتي في وقت تشهد فيه المفاوضات بعض التعثر ونقاط خلافية في البرنامج كما يبدو، حيث يريد الصندوق أن يفرض شروطا صعبا، بحسب محللين وخبراء.
وقالت وكالة موديز إن احتياطيات النقد الأجنبي السائلة الحالية البالغة 25.9 مليار دولار في يوليو غير كافية لتغطية إجمالي مدفوعات خدمة الدين الخارجي في السنة المالية 2022-2023، مما يزيد من الضعف الخارجي السيادي لتوقف التمويل المفاجئ.
وأضافت أن الأصول والخصوم الأجنبية في النظام النقدي الذي يشمل البنك المركزي والبنوك تشير إلى التدهور المستمر في سيولة العملات الأجنبية بناءً على بيانات يوليو.
وذكرت موديز أنه في حين أن الحكومة نجحت في استغلال مصادر التمويل الرسمية والخاصة منذ اندلاع الصراع بين روسيا وأوكرانيا، فإن استمرار علاوات المخاطر العالية المسجلة في أسواق رأس المال الدولية منذ ذلك الحين يزيد من مخاطر التمديد لاستحقاق السندات الدولية “اليوروبوند”، وخاصة مع بداية السنة المالية 2024.
وأشارت الوكالة إلى دور الدعم الخليجي لمصر من أجل تجاوز الأزمة، وقالت إن اقتصادات ومستثمري دول مجلس التعاون الخليجي يعتبرون عنصرًا رئيسيًا في الجهود الاستراتيجية للحكومة المصرية لجذب الاستثمار الأجنبي المباشر (FDI) بدلاً من تدفقات المحافظ قصيرة الأجل التي تعتمد عليها منذ تحرير سعر صرف الجنيه في نوفمبر 2016.
وأوضحت أن هدف الحكومة المتمثل في جذب 10 مليارات دولار من تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر سنويًا على مدى السنوات الأربع المقبلة وتحويل جزء من ودائع دول مجلس التعاون الخليجي إلى حصص ملكية في الشركات المصرية سيكون أمرًا أساسيًا لتقليل نقاط الضعف الخارجية السيادية
وكخطوة أولى، أنشأ صندوق الاستثمارات العامة في المملكة العربية السعوديةفي أوائل أغسطس الشركة السعودية المصرية للاستثمار، والتي ستستهدف “القطاعات ذات الأولوية” في مصر بما في ذلك البنية التحتية، والتطوير العقاري، والرعاية الصحية، والخدمات المالية، والأغذية والزراعة، والتصنيع.
ونفذت الشركة صفقة للاستحواذ على حصص حكومية في 4 شركات مقيدة في البورصة المصرية بقيمة 1.3 مليار دولار، تشمل شركة أبو قير للأسمدة والصناعات الكيماوية، وشركة مصر لإنتاج الأسمدة، وشركة الإسكندرية لتداول الحاويات والبضائع، وشركة إي فاينانس للاستثمارات المالية والرقمية.
كما تعهدت شركة ADQ القابضة التابعة لحكومة أبوظبي على نحو مماثل بتخصيص 10 مليارات دولار في شكل استثمارات لمشاريع في مصر والأردن، كما نفذت استحواذا على حصص حكومية في شركات مصرية خلال أبريل الماضي بقيمة تصل إلى نحو 1.8 مليار دولار.
وقالت وكالة موديز إن بيانات الدين الخارجي للربع الأول من العام الجاري أظهرت مضاعفة رصيد الدين الخارجي قصير الأجل إلى 26.4 مليار دولار منذ نهاية عام 2021، مما يعكس 13 مليار دولار من الودائع الجديدة من حكومات دول مجلس التعاون الخليجي في البنك المركزي.
وأضافت أن ذلك يأتي جنبًا إلى جنب مع ما يقرب من 15 مليار دولار من الودائع الإقليمية الأخرى في دول مجلس التعاون الخليجي كجزء من الدين الخارجي المتوسط إلى طويل الأجل للبلاد.
وذكرت موديز أن تعيين حسن عبد الله قائما بأعمال محافظ البنك المركزي المصري، صاحب العلاقات الإقليمية الوثيقة خلال فترة عمله في البنك العربي الأفريقي الدولي، ولا سيما مع دول مجلس التعاون الخليجي، يتزامن مع تعرض مصر المالي المتزايد لدول مجلس التعاون الخليجي، والذي انعكس في التدفقات الكبيرة من المنطقة التي عوّضت على المدى القصير تدفقات الاستثمار في أدوات الدين من المستثمرين الأجانب.
وأشارت إلى أن التغيير في قيادة البنك المركزي يتزامن مع تغيير أوسع في الحكومة ويشير إلى إعادة ضبط السياسة وسط تصاعد مخاطر الائتمان من الانخفاض المستمر في سيولة النقد الأجنبي وزيادة مخاطر ميزان المدفوعات.