احتجاج الأهالي
مساء يوم الخميس، توقفت خطوط اتصالات أوجيرو في المنازل، وعند الحادية عشر صباح يوم الجمعة، توقفت شبكة الإنترنت وخدمات شركة تاتش عن العمل بشكلٍ كليّ. انعزلت المنطقة حرفياً. لا اتصالات، لا إرسال في الهواتف، لا إنترنت. فتأثرت الكثير من المؤسسات المنتشرة في المنطقة وشُلّ عملها لساعات طويلة. تجمهر عشرات المواطنين من أهالي منطقة الشياح ومحيطها، وخيّم عليهم الغضب والتوتر والامتعاض من قرار الإضراب، واتجهوا نحو مبنى سنترال أوجيرو في منطقة الشياح.
وأمام مبنى أوجيرو، قطع المحتجون الطريق بدراجاتهم النارية، التي فاق عددها 50 دراجة، ومنعوا السيارات من العبور. وشارك عناصر من حزب الله وحركة أمل في هذا الاحتجاج، إلى جانب أهالي المنطقة. وأعلموا موظفي أوجيرو المتواجدين داخل المبنى، أنهم ينتمون لحزب الله وحركة امل، مشددين على ضرورة فضّ الإضراب بأسرع وقت.
انقسام الآراء
أمام هذا المشهد، والذي دام لأكثر من ثلاث ساعات، انقسمت آراء موظفي هيئة أوجيرو. فمنهم من شدّد على الاستمرار بالإضراب، والتوقف عن تزويد السنترال بالمازوت، ورفضهم إصلاح الأعطال التي تطرأ على خطوط الهواتف الأرضية أو الإنترنت، وذلك حتى حصولهم على كامل حقوقهم ورفع أجورهم. ومنهم من رضخ لضغوط عناصر الثنائي الشيعي وأهالي المنطقة، فتجاوب معهم. وطالب باقي الموظفين بإنهاء الإضراب.
اقتحام مبنى أوجيرو
وخلال الاحتجاج، وصلت الشاحنة المحملة بمادة المازوت لإفراغ حمولتها في السنترال، إلاّ أن بعض الموظفين رفض تعبئة المازوت ومنع الشاحنة من الاقتراب من المبنى، مشددين على استمرارهم في التوقف عن كل خدماتهم. وهذا ما أجّج غضب المحتجين، فدخلوا عنوةً مبنى أوجيرو لتفريغ حمولة الشاحنة، وهنا تجلّى سقوط هيبة الدولة المفقودة، العاجزة عن السيطرة على المؤسسات التابعة لها. ورغم أن مؤسسات الدولة لا تخلو من عناصر لحمايتها، إلا انهم اكتفوا بإخبار المسؤول عنهم بدخول الشبان إلى المبنى فقط.
ومن جهته، أحضر عناصر الثنائي الشيعي مجموعة من المختصين في مجال الإلكترونيات وهندسة الكهرباء، فدخلوا إلى مبنى أوجيرو لمراقبة وفحص الأسلاك الكهربائية المتوقفة عن العمل. بغية معرفة العطل الفني وتصليحه وإعادة عمل شبكة الإنترنت.
خياران فقط
وحسب معلومات “المدن”، فإن موظفي أوجيرو وُضعوا تحت خيارين فقط لا ثالث لهما. الخيار الأول يقضي بفضّ الإضراب، وعودتهم إلى العمل، وتصليح كل الأعطال الموجودة في الشبكة، وتزويد السنترال بالمازوت الكافي له، وذلك تجنباً لانقطاع شبكة الإنترنت مرةً أخرى. وشدّدوا على ضرورة عدم تكرار هذا الإضراب بسبب تأثيره المباشر على مؤسسات ومتاجر سكان المنطقة التي ستتكبد خسائر مالية كبيرة في خضم الأزمة الاقتصادية والانهيار المؤسساتي في البلد.
أما الخيار الثاني، والذي يتجنب حزب الله الوصول لهذه الخطوات التصعيديّة، فهي تدخّله بشكل مباشر لفضّ الإضراب، عن طريق تأمين المازوت لمباني أوجيرو الموجودة في الضاحية الجنوبية على نفقته الخاصة، وتزويد السنترالات بالطاقة لاستمرار عمل شبكة الإنترنت. وبهذه الطريقة، يصبح إضراب موظفي هيئة أوجيرو لا قيمة له وغير مجدٍ ولا يساعدهم في تحقيق مطالبهم المعيشيّة.
شلل المؤسسات الخدماتية
وحسب معطيات “المدن”، فإن تدخل حزب الله بشكل مباشر لحل هذا النزاع، أتى بعد توقف عدد من مؤسساته الخدماتية الموجودة في المنطقة عن العمل، وأهمها مؤسسة قرض الحسن التي -حسب المعلومات- تأثرت بانقطاع شبكة الإنترنت بشكل مباشر، وأجبرت على إيقاف عملها لساعات عدة، ريثما تعود الشبكة إلى عملها الطبيعي. لاسيما أن هذه المؤسسات الكبيرة تحتاج إلى شبكة قوية وسريعة، بسبب طبيعة عمل أجهزتها المتطورة في إدخال وحفظ البيانات الكبيرة، وطباعة الإيصالات وغيرها..
اتصالات ونفوذ
زوّد السنترال بمادة المازوت. وخلال نصف ساعة، عادت شبكة الإنترنت إلى عملها الطبيعي. وأصلح العطل المسبب انقطاع الاتصالات للهواتف الأرضية، وعولجت كل الأعطال في السنترال. فيما أكد المحتجون قبل انسحابهم من أمام مبنى أوجيرو، أن هذا الاحتجاج لن يكون الأخير. لافتاً أن حزب الله لن يسمح تحت أي ظرفٍ كان، بفصل الإنترنت عن منطقة الضاحية الجنوبية. وأنه على استعداد في اعتماد أو ايجاد أي وسيلة لمنع توقف شبكة الإنترنت.
أزمة مستمرة
“المدن” تواصلت مع أحد موظفي هيئة أوجيرو الذي تمنّع عن ذكر إسمه. فأعلمنا أن مادة المازوت لن تكفي لأكثر من يومين. وستنتهي مساء يوم الأحد 4 أيلول. وبالرغم من فضّ الإضراب بالقوة، إلا أن موظفي أوجيرو سيستمرون في إضرابهم ولن يعاودوا تزويد السنترال بمادة المازوت بعد يوم الأحد.
وهكذا، يتخبّط اللبنانيون بين مطالب موظفي هيئة أوجيرو المحقّة وبين انهيار مؤسساتهم ومحلاتهم التي تعتمد على شبكة الإنترنت. ويبقى السؤال، هل سيستلم الثنائي الشيعي زمام الأمور في مراكز أوجيرو المتواجدة في منطقته فيسيرها ويزودها بالمازوت على نفقاته الخاصة؟ أم أنه سيمارس ضغوطه ونفوذه لفض أي إضراب أو تحرك في الضاحية الجنوبية؟