دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) — أدت وفاة الملكة إليزابيث الثانية، صاحبة أطول فترة حكم في تاريخ بريطانيا، إلى مشاهد مذهلة في المملكة المتحدة.
وعلى مدار الأيام القليلة الماضية، اعتلى الملك تشارلز الثالث العرش، وسافر نعش الملكة عبر المرتفعات الاسكتلندية إلى إدنبرة، قبل نقله جواً إلى لندن وإحضاره إلى قصر باكنغهام لمراسم تشييع الجنازة.
ونُقل نعش الملكة، الأربعاء، إلى قاعة وستمنستر، حيث سيبقى هناك حتى الاثنين، أي يوم الجنازة الرسمية، وهي الأولى التي تقام في المملكة المتحدة منذ وفاة السير ونستون تشرشل في عام 1965.
وتمر المملكة المتحدة حاليًا بفترة حداد وطني، ستستمر حتى نهاية يوم الجنازة، ويتوافد المعزون من جميع أنحاء العالم إلى العاصمة لندن لمشاهدة هذه الأحداث التاريخية عن قرب.
وفي يوم وفاة الملكة، سجل تطبيق السفر “Hopper” ارتفاعًا بنسبة 49% في عمليات البحث عن الرحلات الجوية من الولايات المتحدة إلى لندن مقارنة باليوم السابق.
زيادة عدد الزوار
وقال جوس كروفت، الرئيس التنفيذي لاتحاد التجارة السياحية UKinbound، لـ CNN: “نتوقع عددًا متزايدًا من الزوار الدوليين الذين يسافرون إلى المملكة المتحدة، ولا سيما إلى لندن، خلال الأيام المقبلة، ليس فقط حدادًا على وفاة جلالة الملكة ولكن أيضًا للاحتفال بحياتها”.
وبعد وقت قصير من إعلان خبر وفاة الملكة، تلقت راشيل شوميكر من Louisa White Travel، شركة سياحية متخصصة في السفر إلى بريطانيا، عدة طلبات من أشخاص يرغبون في السفر إلى لندن، بينما حرص بعض السياح، الذين كانوا في المملكة المتحدة وقتها، على تمديد رحلتهم.
وتوضح شوميكر: “كانت للملكة قدرة مذهلة على إلهام الناس في جميع أنحاء العالم، وهناك العديد من الأمريكيين، بينهم أنا شخصيا، يشعرون بارتباط خاص بها ويريدون تقديم التعازي”.
ولكن في حين أن بعض السياح قاموا أو يقومون بترتيبات السفر في اللحظة الأخيرة، فهناك العديد من السياح الآخرين الذين وصلوا للتو في رحلاتهم المخطط لها مسبقًا خلال وقت غير مسبوق.
ومن المرجح أن يجد أولئك الذين يصلون في اللحظة الأخيرة صعوبةً في العثور على غرف فنادق شاغرة، خاصة إذا كانوا يخططون للإقامة في لندن.
أصبحت العديد من الفنادق في العاصمة محجوزة بالكامل، بينما تضاعفت أسعار الغرف ثلاث مرات في بعض الحالات، حيث ينزل الزوار إلى المدينة على أمل إما رؤية نعش الملكة في قصر وستمنستر بين يومي الأربعاء والاثنين، أو أنّ يكونوا من بين العديد من المعزين الذين يصطفون في الشوارع يوم الاثنين، والذي أُعلن أنّه سيكون عطلة عامة.
وعلّق بول تشارلز، مؤسس وكالة السفر والعلاقات العامة The PC Agency، في تغريدة عبر “تويتر”، في وقت سابق من هذا الأسبوع، وكتب: “تمتلئ لندن بشكل ملحوظ خلال الأيام المقبلة، مع إغلاق العديد من الفنادق لخاصية الحجز عبر الإنترنت حتى يتمكنوا من إدارة الغرف المتاحة والأسعار يدويًا للوفود الأجنبية”.
وأبلغت سلسلة فنادق “ترافيلودج”، التي تدير نحو 80 فندقًا في العاصمة البريطانية، عن زيادة في الحجوزات، حيث علّق متحدث بإسمها على أنّ الموظفين “يستعدون لفترة مزدحمة في الفترة التي تسبق الجنازة الرسمية”، مشيرًا إلى أنّ الفنادق الواقعة وسط لندن وويندسور “محجوزة بالكامل”.
مشاهدة التاريخ
ويشعر جاستن ألين، من ولاية إلينوي الأمريكية، والذي زار لندن عدة مرات في الماضي، بسعادة غامرة لأن رحلته المخطط لها مسبقًا إلى العاصمة البريطانية، مع شريكه ماثيو أناستازيا، قد تزامنت مع هذه الأحداث التاريخية.
وقال ألين لـ CNN عبر البريد الإلكتروني: “لقد جعلت الرحلة أكثر تاريخية بالنسبة لشريكي الذي لم يغادر أمريكا من قبل”.
وكان الثنائي من بين أولئك الذين اصطفوا في الشوارع لمشاهدة موكب الملك تشارلز الثالث، بعد إعلانه رسميًا ملكًا جديدًا للمملكة المتحدة صباح يوم السبت.
ويشير ألين إلى أنّ التواجد في المدينة خلال هذه اللحظة بالذات كان مميزًا بشكل لا يصدق.
ويضيف: “كانت المدينة تعج بالحركة بشكل كبير، لم أر قط هذا العدد من الناس في الشوارع خلال المرات التي أتيت فيها إلى لندن في آخر 18 عامًا.”
حالياً، تعد المنطقة المحيطة بقصر باكنغهام الأكثر ازدحامًا، إذ أصبحت من النقاط المحورية الرئيسية للأشخاص الذين يقدمون التعازي.
العديد من الطرق المحيطة بالمنطقة مغلقة حاليًا أمام حركة المرور، وستؤدي جنازة يوم الاثنين إلى المزيد من الإغلاق.
حدث يغير العالم
ولا يزال ألين وأناستازيا في العاصمة، ويأملان في إلقاء نظرة الوداع على نعش الملكة في قاعة وستمنستر يوم الأحد، شريطة أن “يستطيعا الانتظار مع الحشود”.
وبالطبع ستكون هناك حشود، وأصدرت كل من شبكة السكك الحديدية والنقل في لندن بياناً مشتركًا تنصح أولئك الذين يخططون لاستخدام وسائل النقل العام خلال هذا الوقت للتخطيط لرحلتهم مسبقًا بسبب “طلب السفر غير المسبوق في العاصمة”.
وجاء في بيان أصدرته حكومة المملكة المتحدة في وقت سابق من هذا الأسبوع: “ندرك أنّ العديد من الأشخاص سيسافرون إلى قصر باكنغهام ومساكن ملكية أخرى لتقديم التعازي”.
وتابع البيان: “نتوقع حشودًا كبيرة، يمكنها أن تشكّل مخاطر على السلامة العامة، لذا يُطلب من المسافرين اتباع التعليمات التي يقدمها لهم المشرفون والشرطة”.
ومن المتوقع أيضًا حدوث مستوى معين من اضطراب الرحلات، خاصة في مطار هيثرو، خلال الأيام المقبلة.
وقال متحدث باسم مطار هيثرو: “نتوقع مزيدًا من التغييرات في عمليات مطار هيثرو يوم الاثنين الموافق 19 سبتمبر، حيث من المقرر إجراء جنازة صاحبة الجلالة، وسنوفر المزيد من التفاصيل خلال الأيام القادمة”.
اضطراب خطط السفر
ويعد إغلاق الأعمال في المملكة المتحدة أمرا لا مفر منه، خاصة في يوم جنازة الملكة.
وستغلق العديد من المحلات والمتاجر الكبرى يوم الاثنين، بعضها طوال اليوم، والبعض الآخر لجزء من اليوم.
ويُنصح المسافرون الذين حجزوا مسبقًا تذاكر لمسارح أو طاولات لمطاعم ليوم الاثنين بالتحقق مسبقًا، حيث سيغلق العديد منها مؤقتًا.
على سبيل المثال، يغلق المسرح الوطني في لندن أبوابه يوم الاثنين، كما ألغيت العروض المسائية الشهيرة مثل “هاميلتون” في مسرح قصر فيكتوريا، و”ماما ميا!” في مسرح نوفيلو.
ولن تكون غالبية دور السينما البريطانية الرئيسية مفتوحة للعمل في يوم الجنازة أيضًا، رغم أنّ بعضها سيكون مفتوحًا لبث مراسم الجنازة.
وفي الوقت ذاته، أغلقت الممتلكات الملكية والمعالم التاريخية الشهيرة مثل غرف الدولة، ومجموعة الإسطبلات الملكية، وصالات العرض في قصر باكنغهام وقلعة ويندسور منذ يوم الجمعة الماضي، ولن يُعاد فتحها طوال فترة الحداد.
وستقام الجنازة الرسمية في دير وستمنستر، مما يعني أنّ الكنيسة الشهيرة، والتي تعد أيضًا من المعالم السياحية الشهيرة، ستغلق أمام السياح حتى 21 سبتمبر/ أيلول الجاري.