وردا على تلك الشائعات، نفت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي المصرية، ما تردد حول الفصل بين الطلاب والطالبات في الدراسة بالجامعات خلال العام الدراسي المقبل.
وأكد المستشار الإعلامي والمتحدث الرسمي لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي، عادل عبد الغفار، في تصريح لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن “مسألة الفصل بين الطلاب والطالبات في الدراسة بالجامعة أمر غير وارد”.
وأوضح في وقت سابق أن ما تم تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي بشأن الفصل بين الطلاب والطالبات، “محض شائعات لا أساس لها من الصحة”، مؤكدا أنها “مجرد أخبار مختلقة لا صحة لها مطلقًا”.
وأضاف: “أي قرارات وقواعد تخص منظومة التعليم العالي والبحث العلمي يتم نشرها عبر كافة وسائل الإعلام المسموعة والمقروءة والمرئية ومواقع التواصل الخاصة بالوزارة”.
وأهاب المتحدث الرسمي للوزارة بطلاب الجامعات والمجتمع الأكاديمي، “عدم الانسياق وراء الشائعات والأخبار الكاذبة، والتدقيق فيما ينشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي، للحد من نشر أخبار ومعلومات غير دقيقة تثير البلبلة في الأوساط الجامعية”.
“الجذور العميقة في التنشئة والتربية”
من جانبها، رأت أخصائية علم اجتماع المرأة والوعي الأنثوي والإرشاد الأسري، أسماء مراد، أنه “لا يجب جعل الاختلاط سببا للجرائم التي تقع، لأن هذا ليس حلا”، معتبرة أن الحل “له جذور عميقة في التنشئة والطفولة وفي تربية الشاب والفتاة”.
وأوضحت مراد لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن “كثرة تعزيز قيمة الولد في الأسرة، وتربية البنت كتابعة للأب والأخ ثم الزوج يجعل الذكر يشعر بثقة زائدة في النفس، وأنانية عالية، تجعله في بعض الأحيان لا يقبل أن يُرفض من فتاة على سبيل المثال”.
واستطردت: “كذلك تعتاد الفتاة على تقبل النقد من الذكور بحزن وألم دون أي ردود أفعال مناسبة. يمكن قبول وضع حد للاختلاط وتقنين الأمر، لكن الفصل الكامل قد يؤدي لانحرافات خفية”.
دراسات غربية حول الاختلاط
وفيما يتعلق بالدراسات التي أُجريت بشأن الاختلاط بين الطلبة، أوضحت أخصائية علم الاجتماع أن “بعض الأبحاث لفتت إلى أن فصل الذكور عن الإناث زاد من تحصيل الذكور، لكن الأمر هنا متعلق بطموحهم ورغبتهم في تحقيق الذات”.
واستطردت: “صحيفة بريطانية أجرت استفتاء على 11 ألف سيدة، ثلثهن أقل من 35 سنة، وأظهرت أن 68 بالمئة منهن يفضلون المنزل عن العمل، فيما أوضحت دراسة عن المرأة الإيطالية أجراها معهد الإحصاء القومي الأوروبي، أن 95 بالمئة من الإيطاليات يعتبرن قيمة المنزل أعلى من العمل”.
وتابعت: “فيما أظهرت دراسة في الولايات المتحدة أن 60 بالمئة من السيدات هناك يرغبن في ترك العمل والاستقرار بالمنزل، وهو أمر في طبيعة المرأة، لكن طبيعة العصر الحالي تستلزم تعاون المرأة مع الرجل”.
وأضافت مراد: “لا توجد دراسات واضحة بخصوص مسألة الاختلاط في مصر، والدراسات الغربية التي وجدت أن منع الاختلاط يقلل من الكثير من المشاكل الاجتماعية، كانت بهدف حل مشاكل التفكك الأسري، لكن ذلك لا يناسب العصر الحديث”.
“التركيز على الأخلاق والفهم الصحيح للتعامل”
أما أستاذ كشف الجريمة بالمركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية في مصر، فتحي قناوي، فقد أوضح أن “العملية في مصر مستقرة، وعندما تحدث أي جريمة فالعيب ليس في الجامعات أو الفصل، وإنما العيب في التربية والنشأة وترك الحرية الزائدة دون رقابة، لكن لا يجب عمل فجوة بين الأولاد والبنات، فالأساس التربية والأخلاق والفهم الصحيح للتعامل مع الشخص الآخر”.
دور الصحة النفسية
وأضاف قناوي لموقع “سكاي نيوز عربية”: “الواجب هو زرع الأسس الصحية النفسية في التعاملات، لأن اعتلال الصحة النفسية يؤثر، والعوامل الخارجية الموجودة في الساحة مثل مواقع التواصل الاجتماعي تؤثر أيضا، وبالتالي التعاون بين الذكور والإناث ضروري على أسس التعامل الحسن الذي لا يؤدي للمشاكل”.
واعتبر أن “الجرائم التي وقعت كان دافعها المصلحة وليس الحب، فالحب هو الإيثار والتفاعل والحالات التي رأيناها كانت مرتبطة بالمصلحة، التي ما إن زالت حتى زال الحب”.
كما نوه إلى أن “عملية الفصل ليست لها قيمة وليست واقعية بالمرة”، مضيفا: “مصر بها أكثر من 100 مليون نسمة، لا يمكن فصلهم في الشارع، أو وسائل المواصلات، وبالتالي من يريد الفصل عليه تطبيق ذلك في كل المجالات وليس في الجامعة فقط، وهو أمر يكاد يكون مستحيلا، فالممنوع مرغوب”.
واستطرد: “لا يمكن منع وسائل الإعلام والأفلام والسينمات والإنترنت والهواتف النقالة، والأمر ليس ضد الدين وليس ضربا في ثوابته، فالاحتشام مطلوب في كل شيء، لكن لا يمكن تطبيق الفصل بشكل عملي”.
كما شدد قناوي على أنه “يجب الوضع في الاعتبار عوامل أخرى، مثل الزيادة في التباهي الشكلي والظهور المبالغ فيه في الملبس والشكل العام، وأن يكون للوالدين دور أساسي في متابعة أخلاق أبنائهم وطريقة تعاملهم مع الآخر، وأن يكون الأب والأم قدوة، فالشاب والفتاة انعكاس لما يرونه في المنزل”.
واختتم حديثه قائلا: “الأخلاق هي الوسيلة الأساسية للحفاظ على النفس، سواء رجل أو فتاة، فعلى الوالدين تربية أولادهم جيدا، ثم تركهم في أي مكان دون قلق، فالأمر متعلق بالقيم الأخلاقية والاجتماعية والنشأة السوية لخلق شباب واعي ينظر للأمور في نصابها الصحيح”.