التخطي إلى المحتوى


ماذا لو كنتم بسام الشيخ حسين؟

كتب نادر حجاز في موقع mtv:

اختلف اللبنانيون كما عند كل استحقاق بالموقف مما شهدته الحمرا من يوم “هوليوودي” طويل في مصرف “فدرال بنك”. فكل ما في البلد أصبح مادةً خلافيّة حتى تلك القضايا التي تمسّ قوتهم اليومي ومستقبل أولادهم.

تحوّل بسام الشيخ حسين خلال ساعات الى trending على “تويتر”، والى “بطل” إفتراضي تصدّر مواقع التواصل الاجتماعي والصفحات. البعض يلحق “الموضة” أيّاً كانت و”يركب الموجة”، والبعض يعارض كل شيء على قاعدة “خالف تُعرَف”، والبعض رمادي نمطي على طريقة “الناس مع الواقف”. 

هذه حال “السوشيل ميديا” لكن الواقع يقول ما هو مختلف وأكثر وضوحاً، فما فعله بسام ما كان ليحصل لو لم يكبر القهر الى حدّ الاختناق إذا صحّت المعلومات أنّ ما دفعه الى ذلك هو علاج والده. وحتى لو لم يكن هذا هو السبب لكنّه حقيقي ويعيشه اللبنانيّون يوميّاً على أبواب المستشفيات عاجزين عن تغطية تكاليف العلاج، بعدما تحوّل الاستشفاء الى ترف للأغنياء والميسورين فقط.

قد يكون بسام “بطلاً” بعين الكثيرين وقد لا يكون، لكنّه حالة رفض تعبّر عمّا وصل اليه اللبناني من وجع يحاول التعبير عنه بأيّ طريقة حتى لو كانت عنفيّة. وللحكم على تصرّف بسام قد تكون أسهل طريق أن يضع كل منا نفسه مكانه، وماذا كان ليفعل.. فكيف جاءت الأجوبة عبر مواقع التواصل ردّاً على هذا السؤال؟

“متل ما عمل اذا كان حدا من أقربائي بالمستشفى”، “منعمل نفس الشي وأكتر”، “متله بالزبط اذا مش اكتر….”، “سمعت انو أبوه مريض وبحاجة لمصاري للمستشفى، ادا صحيح الموضوع كنت قبرتهن كلهن”، “بحرق الاخضر واليابس”، “بعمل اكتر منو”، “صاحب الحق سلطان حقو بيعمل المستحيل وعمل”. هذه عينة من التعليقات التي تعكس نبض الناس والشارع، وأمّا المتحفظ فلأسباب انسانية، حيث تقول ميساء “لازم كلنا ما نسكت عن حقنا، أنا بحترم شجاعته معه حق مع إنو مش ذنب الموظفين والناس”. 

“للأسف أخذ الحق بالقوة وليس بالقانون شريعة غاب ولكن في لبنان الطبقة السياسية والقضائية متواطئة على الشعب ومصالحه”، هكذا علّق إيهاب مختصراً واقع البلد الذي تحوّل الى مزرعة والى شريعة القوي يأكل الضعيف مع غياب أي مرجعية رسمية قادرة على حماية المواطن وصون حقه. لا بل إنّ لبنان يكاد يكون الدولة الوحيدة التي يحتجز فيها مسلّح رهائن ليفاوض على جزء من حقّه وليس حقّه بالكامل حتى.

فهل ندين بسام أم نؤيّده؟ تقول نغم: “نحنا وبسام محكوم علينا ومنّا بمطرح أو بظروف طبيعية بتسمح ندين عمله”. 

فأن تؤيّد حق بسام أمر لا يحتمل الجدل، لكن هل دخلنا رسميّاً في مرحلة “كل مين ياخذ حقو بإيدو؟”، حينها ماذا يمنع تكرار حادثة الحمرا يوميّاً؟ ومَن يمنع وقوع الدم والفوضى اذا تمّ تجنبها هذه المرة؟ 

قد يكون بسام “بطلاً”، لكنه بعد يوم طويل استطاع ان يحصّل جزءا بسيطاً جداً من حقه لوحده ولم يحصّل حقوق جميع المودعين. فما يحتاج اليه المودعون والناس دولة “بطلة” لا يستقوي عليها أحد وقادرة على تحصيل حقوق شعبها وإلا فهي “ميّتة” ويصبح الجميع حينها “فتاوى” على طريقة “أولاد حارتنا”. 

الصوت اليتيم الذي يخفت بعد ساعات وسط زحمة الاحداث اللبنانيّة لا يأتي بحقوق شعب ووطن بأكمله.. والأهم أنّ الصراخ الافتراضي لا ينفع.

Scan the code