اتخذ قرار رفع الدولار الجمركي الى 20 الف ليرة وسيطبق، ولن نخوض في تحديد المسؤوليات والصلاحيات، مع العلم اننا ندرك حاجة الدولة لزيادة ايراداتها، خصوصا انها لمّا تزل تتقاضى على سعر 1500 ليرة للدولار الواحد. لكن أكثر من سؤال يطرح في حيثيات هكذا قرار: ماذا عن التوقيت؟هل هو مناسب فيما الناس جاعت وبات 8 أشخاص من بين 10 فقراء؟ ماذا عن طرح الدولة اللبنانية لسعر صرف رسمي جديد فيما المطلوب بالمنطق ومن قبلها وصندوق النقد هو توحيد سعر الصرف؟!. وكيف ستكون تداعيات هذا القرار الخاطئ (حتى في علم الاقتصاد) على الاقتصاد اللبناني او ما تبقى منه، وحتى لو سمعنا تطمينات ان العديد من السلع الاساسية لن تطالها الزيادة؟! ماذا لو لحقت بعض مكوناتها صناعات مرتبطة بها، هل نفعت التجارب السابقة لمراقبة المحتكرين والتجار الجشعين؟ ولماذا علينا ان نصدق انها ستنفع اليوم؟ وكم سترتفع الاسعار؟ وان كان الخبز بحدّ ذاته لن يطاله الدولار الجمركي لكنه سيطال اكياس النايلون التي يوضع فيها مما يعني ارتفاع سعر ربطة الخبز.
كل هذه الأسئلة الا تستحق التوقف عندها واعادة النظر بالقرار؟!.
في هذا السياق أدلى المستشار المالي والمصرفي نيكولا شيخاني بدلوه ولفت الى انه وجب التمييز بين أمرين: رفع الدولار الجمركي ورفع الجمرك ذاته على المنتج، مشيرا الى ان الأوّل سيتسبب برفع الأسعار بين 5 الى 10%. ومن الخطأ برأيه ان يحصل “لأننا نلعب اليوم على أسعار صرف عّدة، خصوصا أن الدولة بات لديها الآن سعرا جمركيًّا رسميًّا لم يعد سوق سوداء سعر منصّة. فسوق الدولة هو الدولار الجمركي وهو الأمر الخاطئ جدا في الاقتصاد اللبناني وحتى في اي اقتصاد عالمي، اذ لا نرى اي بلد في العالم لديه سعر دولار بل لديه قيمة جمركيّة تتغيّر من منتج الى آخر، بل ان السعر هو نفسه، مثلا اذا وضع على السيارة 40% جمرك وعلى البيبسي 30% لكن هذه النسبة تكون على سعر دولار موحّد، اي انهم يعملون على منتج ضريبي وليس نقديًّا. ورأى شيخاني ان المسؤولين لا زالوا ينتهجون سياسات خاطئة منذ 30 سنة حتّى اليوم، مما تسبب بأزمتنا الراهنة ويستمرون به مخافة ان يثور الناس الّتي افتقرت وجاعت.
وأردف ان سعر الصرف يتوحّد حين نعدّ خطّة متكاملة متماسكة مع اعادة هيكلة المصارف والقطاع العام والديون ضمن خطة نقدية واخرى مالية. كما ان على المصرف المركزي وضع استراتيجية نقدية وهو ما لم يفعله بعد (كان يجب فعله قبل 5 سنوات)، كما أنه على الدولة وضع خطط مالية وضرائبية متساوية في موازنة غير سلبية لنتمكن من توحيد سعر الصرف بشكل صحيح، وهذا ايضا لم يحصل بعد.
وخلص شيخاني الى القول أنّه غير واثق ان بامكانهم وضع أي خطّة واعتمادها.