تطورت عملية استيلاء على شحنة إسمنت، ذكر أن صاحبها من بلدة جنوبية، إلى اشتباكات عنيفة دارت في محلة القادرية، في بلدة حوش الحريمة البقاعية، بين مجموعة من آل عسكر، التي تنتمي للعشائر العربية، والجيش اللبناني، ما أسفر عن سقوط قتيلين فوراً، هما عبد الرحمن عسكر وخالد علي الحسن، بالإضافة إلى جرح ما لا يقل عن 12 آخرين، ذكر أن حالة أحدهم خطرة جداً.
شاحنة اسمنت
حسب المعلومات، فإن الإشكالات بدأت إثر احتجاز الشحنة من قبل شخص يدعى خ. العسكر، الذي يفرض نفوذاً على أبناء عشيرته، إنطلاقاً من سطوة مالية واقتصادية يمارسها. ولدى حضور دورية من مخابرات الجيش لمحاولة تحرير الشحنة، جوبهت بتجمع لأبناء العشيرة من نساء وأطفال وشبان، بادروا -حسب الشهود- إلى رشق كثيف بالحجارة على عناصر المخابرات. حيث أعقبت هذه المواجهة اتصال قيل أنه كان متوتراً جداً بين بعض آل العسكر وأحد قادة فرع المخابرات.
على الأثر تراجع عناصر المخابرات، إلى أن تمت الاستعانة بقوة مؤللة من الجيش. ووفقاً لبيان قيادة الجيش “بودرت بإطلاق النيران على عناصرها”، فحصل تبادل للنيران بينها وبين مجموعة من أعوان عسكر، ما أسفر عن إصابات عديدة في صفوف من شاركوا بالإشكالات أو تواجدوا في مسرحها.
على أثر هذه الحادثة توترت الأجواء في محلة القادرية التي ينقسم فيها أبناء العشيرة العربية المجنسين بين شرقية وغربية، ليسيطروا على خط السير الأساسي الذي يربط بلدتهم بباقي قرى البقاع الغربي. فنفذ الجيش انتشاراً واسعاً، استدراكاً لأي تطور دراماتيكي قد يسفر عن ردود فعل عنيفة خلال ساعات النهار. كما سير دورياته تزامناً مع مراسم دفن القتيلين التي حددت بعد ظهر يوم الخميس.
بيانا الجيش والعشائر
وفيما أصدر الجيش اللبناني بياناً توضيحياً، لفت فيه إلى توقيف عشرة أشخاص ممن تورطوا في الإشكالات التي وقعت في البلدة، متحدثاً عن “قتيلين، سقطا في اشتباكات وقعت مع مجموعة بادرت بإطلاق النيران على دورية للمخابرات وتؤازرها وحدة عسكرية”، نفى بيان صادر عن اتحاد العشائر العربية في البقاع الغربي ما اعتبره شائعات حول وقوع إشكال بين أهالي القادرية والجيش اللبناني. وإعتبر البيان أن ما حصل يشكل “جريمة بحق أبنائنا العزّل نتج عنها حتى الآن سقوط شهيدين و12 جريحًا، بعضهم في حالات خطرة”. مضيفاً “لن نقبل أن تصوّر الحادثة على أنّها تعدٍّ على الجيش أو خروجًا عن القانون”. وطالب البيان “قيادة الجيش بفتح تحقيق عادل وشفاف لكشف الملابسات” مؤكدًا الوقوف خلف قيادة الجيش في ملاحقة المرتكبين ومعاقبتهم حتى لا يذهب دم الأبرياء سدى.
يبقى أن الحادثة تسلط الضوء مجدداً على معضلة إقحام الجيش اللبناني، الذي يفترض أن يكون دوره حامياً للحدود والسيادة، في مهمات منوطة بالضابطة العدلية وأجهزتها المعنية. وهي مهمات ثبت من خلال التجارب المتكررة أنها تورط عناصر الجيش المدربين على الاستخدام المفرط للقوة، بمواجهات مع مدنيين، حتى لو كان بعضهم مسلحاً. ما يجعل تداعيات هذا التدخل أكبر من النتائج التي يحصدها، وخصوصاً عندما يتطور الأمر إلى تبادل لإطلاق النيران ينفذ أحكاماً فورية، قد لا تتناسب مع حجم الجرم المرتكب أحياناً.