تحقيق: محمد ياسين
أولت دولة الإمارات، الطفل أهمية خاصة ووضعت القوانين التي تتضمّن معاقبة كل من يعرض طفلاً، للخطر ويكون الحبس أو الغرامة أو كلتاهما مصيره.
وفي بعض الحوادث أو القضايا، يكون ولي الأمر أحد المدانين بالإهمال في حق ابنه، فهل يتعرض ولي الأمر للمساءلة؟ وما عقوبة إهمال الآباء لأبنائهم، في حالات الغرق في المسابح أو على الشواطئ؟ وهل تلك العقوبات كافية أم هناك مطالبات بتشديد العقوبات على من أهمل وعرض حياة ابنه للخطر؟ في السطور الآتية نستعرض آراء المتخصّصين.
رقابة ضرورية
قال المستشار القانوني بدر عبدالله خميس: إن وجود الأب في حياة أبنائه يشعرهم دوماً، بالأمان وأن هناك سنداً لا يلين، وقلباً لا يتبدل وروحاً لا تفكر إلّا بهم؛ فالأب سند وعز وعزوة وحب متجدد، الأب الذي يهتم بأبنائه ويراقبهم ويشرف عليهم ويوجههم، ويسلك جميع السبل لرفع مستواهم في جميع النواحي الدينية والأخلاقية والنفسية والاجتماعية والعلمية والثقافية والترفيهية ويوفر لهم البيئة المناسبة لتحقيق نجاحهم ورقيهم.
وأضاف: من واجبات الأب عدم إهمال الأطفال، والمحافظة على حياتهم، واتخاذ جميع التدابير اللازمة لسلامتهم البدنية والنفسية والعقلية والأخلاقية، وحماية حقوقهم المختلفة، الحق في الحياة والأمان.
وأضاف: لما كان قانون حقوق الطفل «وديمة» يحظر على القائم على رعاية الطفل، تعرضه للنبذ أو التشرّد أو الإهمال، أو اعتياد تركه من دون رقابة أو متابعة، أو التخلّي عن إرشاده وتوجيهه أو عدم القيام على شؤونه، لأن ذلك يعدّ جريمة يعاقب عليها القانون، لأن في الإهمال ضرراً بليغاً وخطراً محدقاً.
وقال: في حالة غرق الطفل، نتيجة إهمال الأب، فإن القانون عاقبه وفقاً لنصّ المادة رقم 60 من قانون حقوق الطفل «وديمة» بعقوبة الحبس أو الغرامة التي لا تقل عن 5 آلاف درهم، ومن ثم فإن الحذر واجب وتوفير شروط الامن والسلامة مسؤولية الأب لضمان حياة الابن وسلامته.
القتل الخطأ
وقال المحامي سالم المعمري، نلاحظ في قوانين الدولة، أن المشرّع الإماراتي حرص على حماية حياة الأطفال من كل خطر قد يتعرضون له، فإذا أهمل الأهل حماية أطفالهم، ولم يجنّبوهم المخاطر، كخطر الغرق، فإنهم يسألون عن جريمة القتل الخطأ المعاقب عليها في المادة (393)، من قانون الجرائم والعقوبات الاتحادي لسنة 2021 التي تنص على المعاقبة بالحبس وبالغرامة، أو بإحداهما، من تسبب بخطئه في موت إنسان، إذا ما كان الأطفال غير مميزين، أما إذا كان الأطفال مميزين، ولكنهم لم يبلغوا سن الرشد، فإن الآباء يعاقبون على إهمالهم، وعدم قيامهم بواجب الرعاية والعناية، بعقوبات أخفّ نصّ عليها قانون الطفل.
وتابع: هنا لا بدّ من الإشارة إلى أن أبناءنا أمانة في أيدينا، أناط الله عزّ وجل بأعناقنا واجب رعايتهم وحمايتهم من كل خطر، فلا يجوز أن نهمل هذا الواجب، لأن هؤلاء الأطفال هم براعم الأمل لمستقبل مشرق، وهم فلذات أكبادنا الذين يجب ألا يشغلنا عنهم أي شاغل، ومن ثم حتى لو رغبوا في السباحة، فلا بدّ من أن يكون ذلك ضمن ضوابط، وتحت رقابتنا وإشرافنا، حتى لا يتعرضوا لأي خطر، ولا سيما خطر الغرق، وحتى تبقى السعادة عنواناً لحياة الأسرة والسلامة والصحة والأمن حصناً يحمي أطفالها.
تشديد العقوبة
فيما طالب المحامي سعد سلمان، بتشديد العقوبة على ولي الأمر المتسبب في إهمال أدى إلى غرق طفل، وقال إن دولة الإمارات سنّت التشريعات ووضعت القوانين الكفيلة بحماية الأطفال من الأخطار، ومعاقبة من أهمل أو تهاون في توفير حماية طفل.
وتابع أن حوادث غرق الأطفال في المسابح أو الشواطئ تعرض ولي الأمر للمساءلة القانونية، لما كان يلزم منه بتوفير سبل الحماية والسلامة من تلك المخاطر، ووفقاً لقانون «وديمة»، فإن الوالدين أو الوصي القانوني هم المسؤولون عن أخذ الاحتياطات اللازمة لحماية الأبناء، وتوفير وسائل الأمان التي تضمن سلامة الطفل.
وتابع: وفقاً لنص المادة 400 من قانون الجرائم والعقوبات أن المدان في تلك الجريمة يعاقب بالحبس إذا عرض الطفل للخطر، ونتطلع إلى تشديد لتلك العقوبة حتى تكون أكثر ردعاً لمن أهمل في توفير سبل الحماية للأطفال في المسابح أو الشواطئ، خاصة في الفصل الذي يزيد فيه ارتياد الشواطئ وأماكن الترفيه المائية.
اشتراطات الأمان
فيما قال المحامي عمر البريمي، إن دولة الإمارات سبّاقة في سنّ القوانين التي تضمن حماية الأطفال من أي خطر قد يتعرضون له، وحوادث الغرق أحد تلك الأخطار التي قد تنتج عن إهمال من ولي الأمر، أو القائم على رعاية الطفل.
وأضاف أن القانون لم يفرق بين إهمال ولي الأمر أو القائم على حماية الأطفال في المسابح والشواطئ، فالعقوبة تنال من أخطأ في حق طفل وعرضه للخطر، مؤكداً أن كل الجهات تعمل جنباً إلى جنب لتنفيذ متطلبات الحماية واشتراطات الأمان من الجهات المختصة في كل الأماكن، ولا تسمح بوجود الأطفال من دون مرافق أثناء السباحة على سبيل المثال.
تنصّ المادة (2) من قانون الطفل على أنه «تعمل السلطات المختصة والجهات المعنية على تحقيق الآتي 1- الحفاظ على حق الطفل في الحياة والبقاء والنماء، وتوفير كل الفرص اللازمة لتسهيل ذلك، والتمتع بحياة حرة وآمنة ومتطورة.
وتنصّ المادة (7/1) منه على أن «للطفل الحق في الحياة والأمان على نفسه».
والمادة (34) «يحظر تعريض سلامة الطفل العقلية أو النفسية أو البدنية أو الأخلاقية للخطر، سواء بتخلي القائم على رعاية عنه أو تركه بمكان أو مؤسسة رعاية بدون موجب، أو رفض قبول الطفل من القائم على رعايته، أو الامتناع عن مداواته والقيام على شؤونه”.
وتكون العقوبة الحبس أو الغرامة التي لا تقل عن (5) ألاف درهم وذلك وفق المادة (60) من قانون الطفل.
أما في قانون الجرائم والعقوبات الاتحادي لسنة 2021، فتنصّ المادة (393) من قانون الجرائم والعقوبات «يعاقب بالحبس وبالغرامة أو بإحدى هاتين العقوبتين من تسبب بخطئه في موت إنسان».
والمادة (401) «يعاقب بالحبس أو بالغرامة التي لا تزيد على 10آلاف درهم من عرّض للخطر طفلاً لم يتم سبع سنوات، وكان ذلك في مكان معمور بالناس سواء أكان ذلك بنفسه أم بوساطة غيره».