دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) — عاد أكبر مهرجان لشرب البيرة في العالم بعد عامين من التوقّف، لكنّ سياسيّي إحدى الدول الآسيوية لا يزالون يعارضون ذلك، والسبب لا يتعلّق بالجائحة.
وعلّق وزير الشؤون الدينية في ماليزيا، إدريس أحمد، العضو في الحزب الإسلامي المحافظ أيضًا، في بيان برلماني مكتوب: “رغم عدم منع غير المسلمين من شرب الكحول، إلا أنّ الحكومة (الماليزية) ترى أنّ السماح بإقامة هذا المهرجان وجعله مفتوحًا للجمهور لا ينبغي أن يحدث لأنه سيسبّب مشاكل اجتماعية”.
وفيما أوضح أنّ تعليقاته تخصّ المسلمين، مشيرًا إلى أنّ غير المسلمين أحرار باستهلاك المشروبات الكحولية، زعم أنّ البيرة، التي تُستهلك تقليديًا بكميات كبيرة خلال فعاليات مهرجان “أكتوبرفست”، لن تتسبّب سوى بـ”مشاكل اجتماعية”.
وقال أحمد: “من الواضح أنّ (استهلاك) الكحول يؤثّر على الانسجام، والنظام، وسلامة المجتمع”.
وأضاف: “فيما يتعلق بمهرجان أكتوبرفست، يجب على جميع الأطراف احترام القواعد واللوائح الماليزية القائمة على أنّ الإسلام دين الاتحاد الماليزي”.
وينظّم مهرجان “أكتوبرفست”، الذي تعود نشأته إلى ميونيخ في ألمانيا، سنويًا بين شهري سبتمبر/ أيلول وأكتوبر/ تشرين الأول، احتفالًا بالثقافة البافارية المحلية.
وخلال المهرجان، تُستهلك البيرة على نطاق واسع، كما تُقدّم الأطعمة الألمانية التقليدية، مثل نقانق لحم الخنزير، ومخلّل الملفوف.
واستقطب المهرجان مناطق أخرى من العالم، ضمنًا دولًا من الشرق الأوسط تضم أعدادًا كبيرة من المسلمين.
إلا أنّ إقامة هذا المهرجان يظل موضع نقاش سنوي في ماليزيا.
وتمارس ماليزيا، ذات الأغلبية المسلمة حيث يشكّل المسلمون نحو 64% من سكان البلاد البالغ عددهم 32 مليون نسمة، شكلاً معتدلاً من الإسلام السني، بيد أنّ المواقف المحافظة آخذة في الازدياد خلال السنوات الأخيرة.
وعارضت الجماعات الدينية، مثل الحزب الإسلامي المحافظ، باستمرار الترويج لفعاليات مهرجان “أكتوبرفست” وإقامته في البلاد، قائلة إنّ المهرجان البافاري لا يحترم “الحساسيّات الإسلامية” بسبب تقديم المشروبات الكحولية وغيرها من الأطعمة غير الحلال علنًا.
وحظرت الفعاليات السابقة بعد ورود بعض الشكاوى العامة، إلا أنّ مهرجان “أكتوبرفست” يقام بالفعل في ماليزيا منذ السبعينيّات.
وفي العاصمة كوالالمبور، تستعد الحانات ومصانع الجعة المحلية للمهرجان.
لكن تجمعات مهرجان “أكتوبرفست” الأكبر والأكثر حيوية تحصل في بينانق، الولاية الماليزية شديدة التنوع التي تضم أيضًا مجتمعات دولية كبيرة.
وصرّح منظمو الجمعية الألمانية الماليزية في بينانق، لـCNN، أنّ احتفالاتهم بمهرجان “أكتوبرفست” ستستمر هذا العام، وتقام في 21 أكتوبر/ تشرين الأول المقبل.
كما هي الحال في ألمانيا، ألغي المهرجان خلال العامين الماضيين بسبب الجائحة.
وقالت المجموعة: “لا يوجد تهديد واضح لاحتفالات أكتوبرفست داخل الجالية الألمانية في بينانق”.
وأوضحت المجموعة أنّ “المجتمع الألماني المحلي يرغب بمواصلة احتفالات أوكتوبرفست. ومع ذلك، خلال السنوات الأخيرة، يبدو أنّ بعض الجماعات الدينية قد أساءت فهم مهرجان أكتوبرفست ورأت أنه مجرد حفلة صاخبة من البيرة وترغب بحظره”.
وأضافوا أنّ “هذا المهرجان لا يقتصر على تناول الجعة فحسب، بل إنه أيضًا مهرجان للفرح”، لافتين إلى أنّه “إذا نجحت هذه الجماعات، فإن استمرارية المهرجان ستتعرّض للخطر”.
من جهته، دحض حزب العمل الديمقراطي المعارض التعليقات الوزارية الأخيرة التي دعت إلى حظر مهرجان “أكتوبرفست”.
وصرح الحزب في بيان ما يلي: “مهرجان أكتوبرفست يقام في ماليزيا منذ أكثر من 50 عامًا ولم يتسبّب حتى الآن بأي توترات عرقية أو دينية في المجتمع، رغم ذلك استمر التخوف من هذا الحدث”.
وجاء في البيان: “بصفتنا أمة متعددة الثقافات ومتنوعة، يجب أن يكون تسامحنا واحترامنا لبعضنا البعض الطريق المستقبلي لكي تزدهر ماليزيا اجتماعيًا واقتصاديًا. إنها حقًا أوقات عصيبة بالنسبة لنا ومن المحزن أنّ الحزب الإسلامي المحافظ قد اختار تركيز اهتمامه على مهرجان أكتوبرفست، في حين أنّه من الواضح أنّ هناك قضايا أكثر إلحاحًا راهنًا”.
يتطلع رواد المهرجان بالفعل إلى فعاليات “أكتوبرفست” الشهر المقبل.
وحضرت أنيسة أحمد، مديرة تسويق تعمل في كوالالمبور، فعاليات “أوكتوبرفست” في العديد من الحانات بجميع أنحاء المدينة.
وقالت: “إنها فرصة أخرى للماليزيين للتجمّع معًا والاستمتاع بالأطعمة والمشروبات الجيدة”.
وأضافت: “من العار أن يتم تسييس حدث بريء مثل مهرجان أكتوبرفست، وهو أمر سخيف بصراحة. ولكن، قد يعني ذلك المزيد من الجعة لأولئك الذين لا يخرجون للشكوى”.