انشغلت الأوساط الإعلاميّة مساء يوم أمس الأربعاء بالبلبلة التي أثارها خبر الحجز الاحتياطي الذي ألقته دائرة التنفيذ في بيروت، على أملاك تعود للنائب علي حسن خليل، بقيمة 100 مليار ليرة لبنانيّة. ومرد البلبلة يعود تحديدًا إلى الرد السريع الذي أصدره وكلاء الدفاع عن النائبين علي حسن خليل وغازي زعيتر، والذي زعم أنّ الحجز –وبخلاف التسريبات الإعلاميّة- أنحصرت قيمته بمنزل علي حسن خليل الذي وضعت دائرة التنفيذ الإشارة عليه، في حين أن المبلغ الضخم المُشار إليه، أي المئة مليار ليرة، ليس سوى القيمة التي تطالب بها الجهة المدعية على خليل وزعيتر، أي مكتب الادعاء في نقابة المحامين.
مع الإشارة إلى أنّ أصل القضيّة يعود إلى الدعوى التي رفعها المكتب ضد النائبين، على خلفيّة التعسّف في استخدام حق الدفاع والمدعاة، وعرقلة تحقيقات انفجار المرفأ من خلال إقامة دعاوى الرد ومخاصمة الدولة ضد القاضي طارق بيطار، بهدف كف يده بشكل متكرّر عن الملف وفرملة التحقيق.
خليل يحاول إخفاء أملاكه: مما يخاف سعادة النائب؟
بخلاف إدعاءات فريق الدفاع عن علي حسن خليل، لم تنحصر إشارات الحجز الاحتياطي بمنزله، على النحو الذي أشار إليه بيان الرد. في واقع الأمر، وحسب مصادر مطلعة على قرار دائرة التنفيذ، شمل قرار الحجز الاحتياطي جميع العقارات التي يملكها علي حسن خليل في منطقتي بيروت الكبرى وجنوب لبنان، والتي تقارب قيمتها –حسب تقدير مكتب الادعاء- حدود 100 مليار ليرة لبنانيّة. وهذه العقارات، تشمل ثلاثة عقارات في منطقة الخيام، وعقاراً في منطقة المصيطبة، وثلاثة عقارات في منطقة الشيّاح (من بينها المنزل الذي حاول بيان الرد الإيحاء بأن الحجز الاحتياطي محصور به).
بمعزل عن السجال الناتج عن النفي المغلوط في بيان الرد، بدا من الواضح أن فريق الدفاع عن خليل اهتمّ بمحاولة التملّص من إظهار امتلاكه لعقارات بهذه القيمة، ووقوعها تحت الحجز الاحتياطي، قبل الرد على موضوع الدعوى والحجز الاحتياطي نفسه. ولهذا السبب بالتحديد، حاول فريق الدفاع الادعاء –في مقدّمة بيان الرد- بأن مسألة الحجز محصورة بمنزل واحد، وبأن مبلغ الـ100 مليار ليرة لا علاقة له بقيمة العقارات التي وقعت تحت الحجز، بل يرتبط بقيمة الحجز التي وردت في الدعوى المقامة ضد علي حسن خليل وغازي زعيتر.
وقد يكون تركيز فريق الدفاع على هذه النقطة بالتحديد نابعًا من خشية النائب علي حسن خليل من لفت نظر الرأي العام لقيمة ثروته العقاريّة، كما قدّرها فريق الادعاء، بسبب خبر الحجز. فتاريخ شراء جميع هذه العقارات –باستثناء عقار منطقة المصيطبة- جرى بعد دخول النائب علي حسن خليل غمار العمل السياسي في مجلسي النوّاب والوزراء، كما أظهرت الإفادات العقارية وإفادة نفي الملكيّة، وهو ما قد يفتح الأنظار على السؤال المألوف: من أين لك هذا يا سعادة النائب؟
في كل الحالات، تكمن المفارقة الأساسيّة في أنّ بيان رد فريق الدفاع أشار إلى سماعه بالخبر حول الحجز الاحتياطي عبر وسائل الإعلام فقط، وأنّه لم يتلق أي تبليغ من القضاء بخصوص هذا القرار. وهنا بالتحديد، يُطرح السؤال عن كيفيّة نفي فريق الدفاع للخبر الذي تم تسريبه عبر الإعلام، أي خبر الحجز على عقارات بقيمة 100 مليار ليرة، وزعمه وجود حجز على عقار واحد فقط، في حين أنّ البيان نفسه يشير إلى أنّ فريق الدفاع لم يتبلّغ أي شيء باستثناء ما عرفه عبر الخبر المسرّب إعلاميًّا، والذي يحاول نفيه!
زعيتر لا يملك شيئًا؟
في حالة النائب غازي زعيتر، كانت المسألة أبسط وأكثر وضوحًا: لم يجد فريق الادعاء ما يطلب الحجز عليه من أملاك عقاريّة، بعد أن تبيّن أن النائب نقل مجمل ثروته العقاريّة إلى أطراف أخرى، للتملّص من أي حجز من هذا النوع. ومن المهم الإشارة هنا إلى أنّ النائب غازي زعيتر مدرج على لوائح العقوبات الأميركيّة، وهو ما قد يفسّر أيضًا محاولته إخفاء ثروته وممتلكاته تحت أسماء أخرى، ربما للتملّص من إظهاره كصاحب الحق الاقتصادي في حال استثمار أو بيع هذه الممتلكات، ما قد يصعّب استعمال العوائد الماليّة لهذه العمليّات ولو تحت أسماء أخرى.
تفادي التبليغ والتحقيق ثم الاستجابة بعد الحجز الاحتياطي
بعد محاولة نفي الحجز على أملاك عقاريّة بقيمة 100 مليار ليرة، ينتقل بيان رد فريق الدفاع عن خليل وزعيتر إلى الإشارة إلى أنّه سيعمد إلى تحضير لائحة جوابيّة، ردًا على مزاعم ومغالطات الجهة المدعية، أي مكتب الإدعاء في نقابة المحامين، الذي ادعى على زعيتر وخليل بتهمة عرقلة التحقيق. كما اعتبر البيان أنّ تعميم خبر الحجز الاحتياطي على أملاك علي حسن خليل، وكأنه حكم بالمبلغ المشار إليه، هو جزء من حملة التشويش.
وهنا تجدر الإشارة إلى أنّ وسائل الإعلام التي تناقلت الخبر، وبخلاف ما أشار إليه بيان فريق الدفاع، أفادت بأنّ قرار محكمة تنفيذ بيروت يقضي “بالحجز الاحتياطي” على عقارات علي حسن خليل، أي أنّ الحجز مجرّد تدبير احترازي لحفظ حق الجهة المدعية في حال صدور قرار لصالحها، إلى حين البت بأساس القضيّة. بمعنى آخر، لم يدعِّ أحد، كما أشار البيان، أن الحجز يمثّل حكماً بالمبلغ المُشار إليه لمصلحة الجهة المدعية.
أمّا الملفت للنظر بالموضوع، فهو أن فريق الدفاع أعلن استعداده للرد على الدعوى، وتحضير لائحة جوابيّة، بعد إلقاء الحجز الاحتياطي على ممتلكات علي حسن خليل. في حين أن كل من النائبين علي حسن خليل وغازي زعيتر امتنعا طوال الشهرين الماضيين عن استلام مذكرات التبليغ بدعوى التعسّف باستعمال حق الدفاع، المقامة أمام المحكمة الابتدائيّة في بيروت، كما امتنعا عن التجاوب مع مراسلات المحكمة بخصوص هذا الملف. بمعنى آخر، بعد تجاهل التحقيق والدعوى بشكل تام، فعل الحجز الاحتياطي فعله، وبات فريق الدفاع مستعدًا للتعاون مع القضاء والإجابة على الدعوى موضوع الحجز، وهذا أهم ما في الموضوع.