وقد أضافت الدراسة أن طول أمد جائحة كورونا استنزف أنظمة الرعاية الصحية، لدرجة أن المخزون العاطفي لدى الطواقم الطبية شارف على النضوب.
كما لفتت الدراسة إلى أن الشكوك في اللقاحات والنتائج العلمية أثّرت، بشكل متزايد، على العلاقة بين المريض والطاقم الطبي.
وقد اشتكى الأطباء اختلال التوازن بين العمل والحياة الشخصية، فيما بقيت مستويات الاكتئاب على حالها، مما يؤكد أنها تعود بشكل أساسي إلى ضغط العمل المستمر.
وأشارت الدراسة إلى أن الإنهاك قد يدفع العاملين في القطاع الصحي إلى الاستقالة، أو التقاعد المبكر، وقد يؤثر على جودة الرعاية الصحية، ويؤدي إلى أخطاء طبية في بعض الأحيان، وهو ما أكده تحليل بريطاني لـ170 دراسة، شمل 239 ألف طبيب، وأجرته جامعة مانشستر.
وأشار التحليل إلى أن المرضى الذين يعالجهم أطباء منهكون، هم عرضة بشكل مضاعف للأخطاء الطبية، أو الوصفات الطبية الخاطئة، حيث يجعل الإنهاك الأطباء عرضة أكثر بـ3 مرات للتخلي عن وظيفتهم.
واقعٌ يشير إلى أن تبعات جائحة كورونا لم تنتهِ مع انحسارها، بل تستمر بإثقال كاهل الطواقم الطبية، حتى يومنا هذا.
الإجهاد الطبي
قال الأستاذ المساعد في كلية العلوم الصحية بجامعة بيروت العربية الدكتور أحمد الطسة لسكاي نيوز عربية إن الإجهاد الطبي عموما ليس موضوع الساعة، حيث أجرت عدة دراسات وبحوث في هذا الصدد، لكن الحديث عن هذا الموضوع شهد تزايدا كبيرا في سنة 2020 وكذاك عام 2021، بسبب جائحة كورونا، حيث أجهدت هذه الجائحة الأطباء مقارنة بما كنا نراه سابقا.
واعتبر الطسة أن إجهاد الأطباء يؤدي إلى ظهور عدم رضى لدى الطواقم الطبية، وبالتالي مغادرة العديد منهم لهذا المجال، مما يؤدي بدوره إلى ضغط إضافي على من تبقى من الطواقم الصحية، بالتالي إجهاد مضاعف للموجودين، وما يترتب عليه من مشاكل صحية ونفسية لهؤلاء المنتمين للقطاع الصحي، مما ينعكس سلبا على الاحترافية الطبية وسلامة المرضى أيضا.
ونوه الطسة في حديثه لبرنامج الصباح على “سكاي نيوز عربية” إلى أن هذه الدراسة ركزت على قسم الطوارئ والعناية المركزة، وهما قسمان تأثرا كثيرا خلال جائحة كورونا، مضيفا “تعتبر المشاكل الاقتصادية وضغط العمل، عوامل لزيادة الإجهاد الطبي وحتى عزف عدد كبير من الطلاب عن الذهاب نحو التخصص الطبي لأنهم رأوا في 2021 أن هناك في هذا التخصص مخاطر على الحياة وضغط كبير للعمل، وقد بينت دراسة أن 25 بالمئة من الأطباء قد استقالوا من عملهم سنة 2020 و30 بالمئة أيضا من الطواقم التمريضية تركت عملها أيضا في نفس الفترة”.
واعتبر الطسة أن الإجهاد الطبي يؤثر على علاقة الأطباء ببقية الطواقم الطبية عموما، وعلى علاقتهم مع المرضى والمؤسسات الصحية الأخرى، حيث فرضت جائحة كورونا ضغطا كبيرا على الإطار الطبي واضطر العديدون منهم للعمل ساعات طويلة دون انقطاع، وأجبر الوضع آخرين للنوم في المستشفيات أياما أيضا، حيث أمنت مستشفيات في دول عربية أسرة للأطباء والممرضين للبقاء على رأس أعمالهم في المستشفيات خوفا من نقل العدوة إلى منازلهم.
وقال الطسة أن رعاية الطواقم الطبية، خاصة من ناحية موضوع الدخل والضغط الاقتصادي على هؤلاء والرعاية النفسية يجلب أكثر الطلاب لهذه المهنة المحفوفة بالضغط والمتاعب، فرعاية الطواقم الطبية جسديا ونفسيا هي رعاية للمرضى أيضا، وخاصة حديثي الالتحاق بالطاقم الطبي الذين يجب رعايتهم بشكل جيد ليكونوا مؤهلين لتحمل ضغوطات هذه المهنة مستقبلا.