بعد سلسلة من حوادث الاقتحام من قبل مودعين يسعون لاستعادة ودائعهم المجمدة في النظام المصرفي بسبب الانهيار المالي في لبنان، قررت البنوك بالإجماع إغلاق أبوابها أمام العملاء إلى أجل غير مسمى.
وفي حديث إلى رويترز، ذكر مصرفيان أن البنوك ستواصل عملياتها العاجلة للعملاء وخدمات المكاتب الخلفية للشركات، لكن خدمات المكاتب الأمامية ستظل معلقة بعد أكثر من 12 حادثة اقتحام في أقل من شهر.
وشهد الشهر الماضي اقتحامات دفعت البنوك لإعلان إغلاق دام أسبوعا تقريبا، لكنها استأنفت العمل في بداية أكتوبر/ تشرين الأول للسماح للموظفين بسحب رواتبهم.
وأفرجت السلطات اللبنانية الخميس عن امرأة لبنانية اقتحمت بنكا في بيروت الشهر الماضي لاستعادة جزء من مدخراتها بكفالة بعد أن سلمت نفسها الخميس، بعد أسابيع من هروبها.
وأمر قاضي التحقيق سالي حافظ (28 عاما) بدفع كفالة قيمتها مليون ليرة لبنانية (25 دولارا)، كما أمر بمنعها من السفر لمدة ستة أشهر بسبب اقتحامها البنك في 14 سبتمبر/ أيلول.
وفور الإفراج عنها، قالت حافظ “سأذهب إلى البنك للتوقيع على ما تسملته من وديعتي وعلى المصرف أن يعطيني ما تبقى من وديعتي لئلا نضطر إلى إعادة الفعلة مرة أخرى”.
واحتشد عدد من الشباب أمام قصر العدل في العاصمة اللبنانية بيروت، تضامنا مع حافظ خلال جلسة استجوابها.
وقالت سالي إن المبلغ الذي طالبت به كان من أجل دفع تكاليف علاج أختها المريضة بالسرطان. ونجحت في سحب نحو 12 ألف دولار من حسابها عندما اقتحمت البنك وهددت الموظفين بما تبين لاحقا أنه مسدس غير حقيقي.
ولاقت خطوة حافظ تأييدا شعبيا واسع النطاق، وتحولت إلى بطلة شعبية في بلد يمتلك فيه مئات الآلاف مدخرات مجمدة في البنوك.
وعلى خطاها سار العديد من المودعين. واقتحم أكثر من 12 مودعا البنوك للحصول على مدخراتهم الخاصة الشهر الماضي وحده. وواجه معظم هؤلاء الاحتجاز لفترة وجيزة فقط، لكن قضية سالي حافظ اختلفت نظرا لهروبها.
ودعت جمعية مصارف لبنان الحكومة في السابق إلى سن قيود رسمية على رأس المال لتحل محل الضوابط غير الرسمية التي اعتمدتها البنوك في 2019، لكن البرلمان أخفق مرارا في تمرير القانون.
ولم تحرز الحكومة سوى القليل من التقدم نحو إصلاحات من شأنها أن تمهد الطريق لحزمة انقاذ من صندوق النقد الدولي للمساعدة في تخفيف الأزمة الناجمة عن عقود من الهدر في الإنفاق والفساد.
وتسبب الانهيار المالي في لبنان، الذي دخل الآن عامه الثالث، في تراجع الليرة بأكثر من 90 بالمئة، وتفشي الفقر، وشل النظام المالي، وتجميد مدخرات المودعين في أكبر أزمة يشهدها لبنان منذ الحرب الأهلية بين 1975 و1990.