التخطي إلى المحتوى

اعتبر خبير شؤون الطاقة، هاشم عقل، أن تصريحات وزير الطاقة السعودي، عبدالعزيز بن سلمان، التي ألمح فيها إلى احتمال قيام منظمة “أوبك بلس”بخفض الإنتاج مرتبطة بالتطورات الجارية بشأن ملف إيران النووي.

وكان وزير الطاقة السعودي صرح بأن المجموعة قد تتخذ قرارا بخفض إنتاجها النفطي في اجتماعها، الشهر المقبل، بعد أن أخذت الأسعار منحنى هبوطيا، خلال الأسابيع الأخيرة، إثر ارتفاعات كبيرة منذ فبراير.

وتقود السعودية مع روسيا تحالف “أوبك بلس” الذي يضم مجموعة الدول المنضوية في منظمة البلدان المصدرة للنفط “أوبك” وخارجها، ويتحكم بكميات الإنتاج في السوق.

وأخذت أسعار النفط منحى انحداريا بأكثر من 20 في المئة، خلال الأسابيع الماضية، بعدما ارتفعت لمستوي قياسي في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا.

واستفادت السعودية، أكبر مصدر للنفط في العالم، من ارتفاع الأسعار الناجم عن الغزو الروسي قبل ستة أشهر، كما قاومت طلبات دول غربية لزيادة إنتاج “الذهب الأسود” في مسعى لكبح أسعاره.

لكن أسعار النفط واصلت تراجعها منذ بداية يونيو الماضي، مع تراجع توقعات الطلب وسط مؤشرات اقتصادية ضعيفة لدى الاقتصادات الكبرى، وخصوصا الصين.

وشكلت المؤشرات بشأن احتمال التوصل إلى إحياء الاتفاق النووي مع إيران عاملا إضافيا دفع الأسعار إلى التراجع، إذ قد يتيح عودة النفط الإيراني إلى الأسواق العالمية.

وكان لتصريحات الويزر السعودي وقع كبير على الأسواق، إذ زادت أسعار العقود الآجلة لخام برنت إلى 96 دولارا للبرميل، بعد أن هبطت في وقت سابق إلى ما يقرب من 92 دولارا.

وقال الوزير في مقابلة مع وكالة “بلومبيرغ”، نشرت الاثنين، إن “مجموعة “أوبك بلس” أكثر التزاما ومرونة، ولديها وسائل ضمن إطار آليات إعلان التعاون تمكنها من التعامل مع هذه التحديات، التي تشمل إمكانية خفض الإنتاج في أي وقت، وبطرق مختلفة، وهو ما أثبتتهُ المجموعة مرارا وبوضوح، خلال عامي 2020 و2021″. 

واعتبر الوزير أن “سوق البترول الآجلة، وقعت في حلقة سلبية مفرغة ومتكررة تتكون من ضعف شديد في السيولة وتذبذب في الأسواق، تعملان معًا على تقويض أهم الوظائف الأساسية للسوق، ألا وهي الوصول بفاعلية إلى الأسعار المناسبة والصحيحة، وتجعل تكلفة التحوط وإدارة المخاطر كبيرة جدا على المتعاملين في السوق الفورية”. 

ويرى عبدالعزيز بن سلمان أن “لهذا الوضع تأثيره السلبي الكبير في سلاسة وفاعلية التعامل في أسواق البترول، وأسواق منتجات الطاقة الأخرى، والسلع الأخرى لأنه يُوجِد أنواعا جديدة من المخاطر والقلق”.

النفط ومفاوضات النووي

وفي مقابلة عبر الهاتف مع موقع الحرة، اعتبر خبير الطاقة، هاشم عقل، أن الدافع الرئيسي لهذا التصريح هو الرد على “ما يعلن من تصريحات بشأن مفاوضات إعادة إحياء البرنامج النووي الإيراني، والتي تشير إلى قرب التوصل إلى اتفاق، مما يعني عودة إيران إلى السوق النفطية”.

وإذا عادت إيران إلى سوق النفط، فهذا يعني زيادة 2.5 مليون برميل يوميا في البداية، وقد تصل لاحقا إلى 4 ملايين برميل، مما يؤدي إلى “تخمة وزيادة كمية المعروض، وهو ما يؤدي إلى تراجع الأسعار بشكل كبير”.

وبالتالي قد تلجأ “أوبك بلس” إلى خفض الإنتاج، لأنها ستتخوف من زيادة المعروض وتراجع الأسعار.

ويشير إلى أن جميع دول “أوبك بلس” تدرك قرب التوصل إلى اتفاق مع إيران، مشيرا إلى “مرونة” في التصريحات الرسمية للمسؤولين الأميركيين، وتقديم طهران لتنازلات، مثل التوقف عن المطالبة برفع اسم الحرس الثوري من لائحة العقوبات الأميركية.

وكان المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، نيد برايس، قد أعرب عن “تفاؤل” الإدارة الأميركية بإسقاط إيران لبعض طلباتها في الرد على المقترح الأوروبي “مثل تصنيف الحرس الثوري”.

الاتفاق النووي.. واشنطن متفائلة بما يبدو إسقاط إيران بعض مطالبها

أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، نيد برايس، أن التأخر في التوصل لاتفاق نووي مع إيران يعود بسبب النقاش الذي يجري حول الردود الإيرانية على المقترح الأوروبي، نافيا الادعاءات بأن واشنطن “تماطل” في العودة للاتفاق، المعروف أيضا باسم “خطة العمل المشتركة”. 

وتحدث الوزير السعودي في تصريحاته عن “المزاعم التي لا تستند إلى دليل في الواقع حول انخفاض الطلب في السوق، والأخبار المتكررة بشأن عودة كميات كبيرة من الإمدادات إلى الأسواق”.

ويقول عقل إن النفط “سلعة عالية المخاطر وبالتالي تستجيب للشائعات والتكهنات والأمور الجيوسياسية مثل توقيع الاتفاق النووي المحتمل”.

ويرى أن توقيع الاتفاق النووي “سيكون حدثا هاما جدا لأن الولايات المتحدة عانت من ارتفاع أسعار البنزين وكان له تداعيات سياسية على الإدارة الأميركية في الداخل، وبالتالي حاولت إقناع “أوبك” بزيادة إنتاجها”.

ويشير المحلل إلى أهمية التصريح الصادر الوزير السعودي، باعتبار الرياض القائد الفعلي للمنظمة.

ويعتقد أن قرار خفض الإنتاج سيعتمد كليا على الرد الأميركي على المقترح الأوروبي بشأن الاتفاق النووي، والذي لم يحدث حتى الآن، لكنه يتوقع التوصل إلى اتفاق مع تقديم تنازلات أميركية متبادلة، مثل السماح لإيران بالاستفادة من الأموال المجمدة، وزيادة كمية تصدير النفط.

وكان برايس أشار في تصريحاته إلى “بعض الثغرات التي يتوجب حلها”، مشيرا إلى أن رد واشنطن سيحدث “فور انتهاء استشاراتنا الداخلية وفور انتهاء الاستشارات مع شركائنا أيضا”. 

وكان الأمين العام الجديد لـ”أوبك”، هيثم الغص، قال لرويترز، الخميس الماضي، إنه من السابق لأوانه قول ما ستفعله “أوبك بلس” في اجتماع الخامس من سبتمبر المقبل، “فقد تخفض الإنتاج أو تزيده إذا لزم الأمر”. 

موعد القرار

ويقول المحلل الاقتصادي في تصريحاته لموقع الحرة إن آلية عمل المنظمة تتطلب قيام لجنة بدراسة القرارات وتقديم توصية.

ويعتقد أن الاجتماع المقبل ربما سيكون تمهيدا لقرار، وسيتم خلال دراسة العرض والطلب وتقييم مستوى الإنتاج المطلوب، لكن قرار خفض الإنتاج سيكون على الأرجح في جلسة أكتوبر.

ويشير إلى أن هناك عجزا بالفعل في سوق النفط بمقدار حوالي 2.6 مليون برميل يوميا، لأن دول “أوبك” لا تستطيع الوفاء بحصصها الإنتاجية كاملة، بسبب ضعف الاستثمارات في العديد من البلدان، مثل ليبيا التي تراجع الإنتاج فيها من 1.3 مليون برميل يوميا إلى 300 ألف بسبب التوترات السياسية، فضلا عن دول أخرى مثل الإكوادور والغابون ونيجيريا. 

ولا تستطيع هذه الدول الوفاء بحصصها المقررة، ولا تسمح لدول أخرى في المنظمة بالتعويض، وبالتالي لا تلتزم “أوبك” بالحصص التي تعهدت بها، وهي حوالي 28 مليون برميل، ما يؤدي إلى نقص في المعروض.

ويشير أيضا إلى الاستثمارات الموجهة إلى الطاقة البديلة من قبل كبرى شركات النفط، ما أثر على الاستثمار في النفط وبالتالي ضعف الإنتاج وارتفاع الأسعار إلى حوالي 100 دولار.

ويشير إلى أن دولا خليجية مثل الإمارات والسعودية دخلت أيضا هذا الاتجاه، مثل الإمارات التي بدأت في تنويع مصادر دخلها منذ سنوات، والسعودية التي أطلقت “رؤية 2030”.

ويقول إن دول الخليج تدرك أن عصر ما بعد النفط قادم، مشيرا إلى أن بعض الخبراء يتوقعون أن يبدأ تراجع الطلب على النفط بكميات كبيرة في 2030، وآخرين يقولون إنه سيحدث قبل ذلك، ربما في 2027.

من النفط إلى السيارات الكهربائية.. تحذير سعودي إلى العالم

سلطت وكالة بلومبيرغ الأميركي الضوء على مساعي المملكة في أن تصبح مركزا لتصنيع أجزاء السيارات الكهربائية في العالم بعد الجهود التي بذلتها مؤخرا من أجل تحقيق هدفها المتمثل في تنويع اقتصادها بعيدا عن النفط

Scan the code