صحيفة المرصد: علق الكاتب بدر بن سعود على حديث الباحث سعودي في ما وراء الطبيعة عبدالرحمن الزحيفي، بشأن عدم تناوله لحم الجمل، لأنه يعتقد بتأثيره على جينات الإنسان.
لحم الجمل
وقال بدر خلال مقال له منشور في صحيفة “عكاظ” بعنوان “صاحب الجمل يأخذ من طباعه” قبل أيام تناقلت منصات السوشيال ميديا مقطع فيديو لباحث سعودي اسمه عبدالرحمن الزحيفي، وقالت إنه متخصص في ما وراء الطبيعة، وقد جـــاء فيه أنه لا يأكل لحم الجمل ولا يقبله في بيته، لأنه يعتقد بتأثيره على جينات الإنسان، وجعله عصبيا وسيئا في طباعه وتعاملـــه مع الآخرين.
الغيرة والغلظة
وتابع، ما قاله صحيح نسبياً في الواقع وقد تكلم عنه الفلاسفة المسلمين، قبل أكثر من سبعمائة عام، ومن هؤلاء ابن خلدون، فقد كتب بأن العرب أكلوا الإبل وأخذوا من طباعها الغيرة والغلظة، وأكل الأفرنج الخنزير فأصابتهم الدياثة، وأكل الأحباش القرود فانتقلت إليهم محبــــة الطرب، وأكــل الفــــرس الروث فأصبحوا يميلون إلى النجاسة، وهو رأي ابن خلدون بتصرف، وأورد ابن القيم في مؤلفه: مدارج السالكين، ما يفيد بأن معايشة الإنسان للحيوان تكسبه بعض طباعه وأخلاقه، مع تأكيده بأن أكل لحم الحيوان ومعايشته معاً يجعل الشبه بينهما أكبر.
تأثير الطعام
وأردف، المسألة لا تتوقف عند هذا الحد، خصوصاً أن علماء النفس في ألمانيا تمكنوا من إثبات تأثير نوع الطعام على قرارات وأفكار الإنسان، وقاموا بإجراء تجربة أكدوا فيها أمرين، الأول أن الأطعمة الغنية بالبروتين تجعل الشخص أكثر تسامحاً وقبولاً للعروض غير العادلة، والثاني قدرة الأطعمة المشبعة بالكربوهيدرات على جعل الشخص حساسا تجاه هذه العروض، وميالا إلى رفضها بمعدل الضعف، والنتيجة إمكانية التلاعب في قرارات الأشخــــاص بالتحكــم في نوعية الأطعمــة التي يتناولونها.
الدماغ الثاني
وأكمل، بالإضافة إلى أن الأطعمة لاترتبط بالصحة الجسدية وأمراضها وحدها، وقد تمتد إلى الصحة العقلية والنفسية عند الناس، وبعض المختصين يسمون أمعاء الإنسان بالدماغ الثاني، لأنها تنتج نواقل عصبية تنظم المزاج والعواطف عند الأشخاص، وتتحكم في هرموني السيروتونين والدوباميــن، والاختـلال في هذه النواقل يـؤدي لجملة من الاضطرابات النفسيــة، فالأمعاء تتواصل مع الدماغ باستخدام إشارات حيوية، ضمــــن ما يعرف بالمحور الدماغي المعوي.
الجريمة والعنف
وأضاف، حتى الجريمة والعنف تتأثران بالتغذية، ومن ذلك ما قام به باحثون في جامعة أكسفورد البريطانية، في تسعينات القـــــرن العشرين، عنــدما ذهبوا إلى سجن معروف بطعامه الرديء وبميل سجنائه إلى العنف والسلوكيات العدوانية، واختــــاروا 231 مسجـــونا من بينهم، ومن ثم قسموهم لمجموعتين، الأولى أعطيت مكملات غذائية وفيتامينات، والثانية تركت على حالها، وبعد فترة كانت المحصلة تراجع العنف في المجموعة الأولى بنسبــــة 47%، والتجربة استنســخت في دول أوروبية، وخرجت بنتائح مشابهة.
الغذاء النباتي
وأشار إلى أن الغذاء النباتي مثل مصدر التغــذية الأول للإنسان البدائي، وإلا فما هو مبرر وجود الزائدة الدودية وضرس العقل وتفاحة آدم في الجنة، والعــــــودة إليه، فــــي اعتقادي، ستعيد الآدميين إلى ذواتهم القديمة التي فقدوها بالافتراس المادي والمعنوي، وإلى الهدوء والسكينة والسلام، وربما كان الرجوع قسريا، فسكان العالم سيصلون إلى 11 مليارا في 2050، والتغيرات المناخية ستؤثر على وفرة الغذاء في المستقبل.