ومع أن «حزب الله»، كما تقول مصادره، لم يكن مرتاحاً لما ورد في بيان التيار الوطني، في أول تعليق له على انزلاق الشاحنة المحمّلة بالذخائر الخاصة به عند كوع بلدة الكحالة، باتهامه والقوى الأمنية بالقصور، من دون أن يأتي على ذكر قيادة الجيش، فإنه في المقابل لم يتلقّ منه ما يشير إلى رغبته بتعليق الحوار، وإن كان الحادث شكّل له إحراجاً في الشارع المسيحي.
وتلفت إلى أن باسيل كان مضطراً إلى عدم توفير الغطاء السياسي لانزلاق الشاحنة، لقطع الطريق على من يزايد عليه في الشارع المسيحي. وتقول إن الحزب أبدى تفهُّماً لموقفه، ولو على مضض، طالما أنه لن يعيق معاودة التواصل الذي يحظى بغطاء سياسي من رئيس الجمهورية السابق ميشال عون، الذي تدخّل في الوقت المناسب، ورسم السقف السياسي الذي يُفترض عدم تجاوزه من قبل «التيار الوطني الحر».
ويتقاطع موقف الحزب، في رؤيته للبعد السياسي الذي رسمه الرئيس عون، في تعاطي «التيار الوطني» مع انزلاق الشاحنة، مع موقف عدد من النواب المنتمين إلى تكتل «لبنان القوي»، وهم في عداد المعارضين لباسيل الذين يدخلون الآن في مهادنة معه، بعد أن قرر «التضحية لمدة 6 سنوات»، ما يعني حكماً أنه أخرج نفسه من السباق إلى رئاسة الجمهورية.
وبكلام آخر، فإن هؤلاء النواب أوكلوا أمرهم إلى الرئيس عون، وفضّلوا التريث وعدم إطلاق الأحكام المسبقة قبل أن يأتي جواب «حزب الله» على ورقته السياسية.
وينسحب الموقف بعدم استباق الأحكام، على قيادة حركة «أمل» التي تفضّل التريث في إبداء رأيها إلى حين وصول الأمور إلى خواتيمها، وذلك انطلاقاً من حرصها على إعطاء فرصة للتأكد من أن الحوار لم يكن لتقطيع الوقت، وتحديداً من باسيل.
«حزب الله» لم يقطع الأمل في إقناع باسيل بالاستدارة نحو تأييده لفرنجية، لعله يعيد خلق الأوراق الرئاسية التي ستكون حاضرة على طاولة اللقاءات التي سيعقدها الممثل الخاص للرئيس الفرنسي، وزير الخارجية السابق جان إيف لودريان في زيارته المرتقبة لبيروت ما بين 15 و17 سبتمبر (أيلول) المقبل، وعلى جدول أعمالها تحديد المواصفات التي يُفترض أن يتمتع بها رئيس الجمهورية العتيد.
وفي المقابل، فإن «حزب الله» لا يستطيع أن يقدّم لباسيل ما لا يملكه، لأنه ليس هو المقرر الوحيد في قضايا تتعلق بإعادة تركيب النظام اللبناني، ويدرك سلفاً أن ثنائيته مع باسيل لن تنوب عن الآخرين في الاستجابة لشروطه، لأنها في حاجة إلى تفاهم وطني. وسيصطدم حكماً بمعارضة يجد نفسه عاجزاً عن تنعيم موقفها، حتى لو اضطر إلى استخدام ما لديه من فائض للقوة، انزلق عند كوع الكحالة بانقلاب الشاحنة المحمّلة بالذخائر.