وأكد الخبراء على “ضرورة تشديد الإجراءات لتطويق انتشار دور العلاج بالرقية الشرعية”، التي “تساهم في إبعاد المرضى عن التشخيص الحقيقي والعلاج”.
ومن جهة أخرى، اعتبروا أن اليوم العالمي للصحة النفسية “فرصة لإذكاء الوعي بقضايا الصحة النفسية، وتعبئة الجهود من أجل دعم القطاع، وتجاوز الإكراهات التي تحول دون تقديم خدمات في مستوى جيد للمرضى”.
وشدد المتخصصون على ضرورة بلورة استراتيجية للتكفل بالمرضى النفسيين، وتعزيز سبل توطين المعرفة النفسية وتغيير الصورة النمطية حول الطب النفسي وأطبائه.
وأكد رئيس جمعية “الحق في الصحة والحق في الحياة” المغربية علي لطفي، أنه “آن الأوان لسن سياسة صحية وتوفير حماية اجتماعية واستراتيجية فعالة في مجال الصحة النفسية الوقائية والعلاجية والتأهيلية والإدماج الاجتماعي”، مشددا على أهمية “إصدار تشريعات وقوانين جديدة تتماشى مع المعايير الدولية ذات الصلة لحماية حقوق المرضى الإنسانية”.
وطالب لطفي، في حديث مع “موقع سكاي نيوز عربية”، بالاستثمار في العنصر البشري المؤهل، عبر رفع عدد المقاعد بكليات الطب ومعاهد الممرضات والممرضين بالقطاعين العام والخاص، وتوظفيهم لتغطية العجز وتحسين جودة الخدمات المقدمة للمرضى”.
كما أكد على ضرورة الاهتمام بالمستشفيات الخاصة بالأمراض النفسية والعقلية، مع “التركيز على الفئات الأكثر عرضة للاضطرابات النفسية في المغرب، ومعالجة الصحة العقلية على قدم المساواة مع الصحة البدنية، بالتنسيق مع القطاعات الأخرى والسلطات المحلية والمجتمع المدني”.
ولم يفت رئيس الجمعية أن يشدد على “ضرورة اعتماد تعويضات خاصة تحفيزية للمهنيين العاملين بمستشفيات الأمراض النفسية والعقلية، وتحسين ظروف وبيئة عملهم وتطوير مهاراتهم وكفاءتهم”.
وعلى صعيد آخر، دعت الجمعية إلى دعم ومساندة جمعيات المجتمع المدني المختصة وجمعيات رعاية الشباب والطفولة وحماية حقوق النساء، لـ”تعزيز الوعي الجماهيري والأسري بشأن الوقاية من الأمراض النفسية والعقلية وأسبابها، ودعم المبادرات التطوعية للمساهمة في الوقاية من السلوك الانتحاري، والكشف المبكر عن الاضطرابات النفسية عند الفئات المعرضة له، وتوجيهها للمصالح الطبية المختصة، وجعل الوقاية من الانتحار أولوية صحية باعتبارها تهم حياة الناس، علما أنها مدرجة في أهداف التنمية المستدامة لسنة 2030″.
كما دعت الجمعية نفسها وزارة الصحة والحماية الاجتماعية في المغرب، إلى اتخاذ إجراءات وتدابير فعالة في إطار مخطط الإصلاح الشامل المقرر تعميمه نهاية العام الجاري، لأنها “المسؤولة عن ضمان الأمن الصحي الجسدي والنفسي للمواطنين”.
وحسب نتائج المسح الوطني للسكان الذي أنجزته الوزارة سابقا، فإن الاضطرابات النفسية والعقلية أكثر شيوعا وسط سكان المغرب الذين تفوق أعمارهم 15 سنة.
وأوضح المسح أن “26 بالمئة من المغاربة يعانون الاكتئاب خلال حياتهم، فيما يعاني 9 بالمائة اضطرابات القلق، و5.6 بالمئة اضطرابات ذهنية، و1 بالمئة مرض الفصام”.
وتظل الطاقة الاستيعابية السريرية لمستشفيات الطب النفسي ومراكز العلاج النفسي في المغرب متواضعة جدا، لا تتجاوز 2500 سرير بالقطاعين العام والخاص، ما يقارب نصفها توجد في الدار البيضاء والرباط.
كما يتفاقم الوضع أكثر على مستوى الموارد البشرية المتخصصة والمؤهلة في مجال الصحة النفسية، فهم فقط 343 طبيبا نفسيا و214 عالم نفس و16 طبيبا نفسيا للأطفال، و1335 ممرض وممرضة في التخصص ذاته، و14 مساعدا اجتماعيا، و64 طبيبا متخصص في علاج الإدمان.
ويرى خبراء أن المخصص المالي السنوي المرصود لبرنامج الصحة النفسية والعقلية في المغرب ضعيف، حيث حدد بـ6 بالمئة من ميزانية قطاع الصحة، ولا يرقى إلى المتطلبات الضرورية لتنفيذ برامج وزارة الصحة وخدمات المراكز الاستشفائية الجامعية.