في فضاء فسيح تصل مساحته إلى 400 متر مربع بمدينة الدار البيضاء، انتظمت النسخة الثانية من معرض ومتحف “النيازك رسل من السماء: أصول” تحت إشراف مؤسسة الطارق، حيث يقدم هذا المعرض فرصة فريدة لأطفال المدارس والكبار من جميع الأعمار، لاكتشاف أهم مستجدات مجالات علم النيازك والكواكب والجيولوجيا والفلك، من خلال مجموعة من الورشات والندوات والجولات الإرشادية الموجهة.
ويهدف المعرض الذي انطلقت فعالياته الأربعاء 19 أكتوبر/تشرين الأول وتستمر إلى غاية 30 ديسمبر/كانون الأول المقبل، بحسب حديث رئيسة مؤسسة الطارق الدكتورة حسناء الشناوي أوجهان للجزيرة نت، “إلى نشر المعرفة للعموم والتعريف بالغنى الجيولوجي المغربي الذي يتضمن النيازك والمستحاثات والبلورات وعلم الفلك في الحضارة الإسلامية”.
ويتمحور الموضوع الأساسي لهذه النسخة من المعرض حول نشأة الكون والحياة على كوكبنا، حيث سيلتقي الزوار مع باحثين لتوضيح أهمية النيازك وعلوم الفضاء ودورها في فهم تاريخ نشأة الكون.
ترويج لنيازك المغرب وإثارة لفضول الجمهور
ويعرض المتحف النيازك التي سقطت في المغرب، وهي ذات قيمة علمية ومدروسة ومصنفة علميا، وتساهم بشكل كبير في البحث العلمي حول فهم تكوين نظامنا الشمسي، ومنها نيازك تعرض لأول مرة.
وتشير حسناء الشناوي -في حديث للجزيرة نت- إلى أن” النيازك هي القلب النابض لهذا المعرض، ومنذ 22 سنة بدأنا نشتغل عليها، وطورنا البحث العلمي في هذا المجال بالمغرب، وتدريجيا قمنا أيضا بنشر المعلومات على هذه النيازك في بلدنا، لأن من المهم بالنسبة لنا أن يتعرف المغاربة على هذا التراث ليفتخروا به ويحتفظوا به في بلدنا”.
ويسعى منظمو هذا المعرض إلى تبسيط علوم الفلك للجمهور، من خلال إثارة الفضول العلمي للاهتمام بالعلوم عموما وعلم الكواكب والجيولوجيا والفلك على وجه الخصوص.
كما يسمح هذا المعرض للزوار بلقاء علماء مغاربة مشهورين دوليا وباحثين شباب من طلاب الدكتوراه لتقديم العروض ومصاحبة الزوار في جولات موجهة لشرح المواضيع العلمية، و”السفر بهم عبر النظام الشمسي”، وذلك من أجل تعميم فهم العلوم وتبادل المعرفة وإثارة اهتمام الزوار بأهمية التعليم والعلوم والحفاظ على التراث الطبيعي للمغرب.
تقول الباحثة في علم النيازك حسناء الشناوي -في البيان الصحفي الصادر من مؤسسة الطارق المشرفة على المعرض- إن “المعرض فضاء فريد في المغرب تحت إشراف مؤسسة غير ربحية، هدفه هو الترحيب بالمدارس يوميا لتوعية الأطفال بالمعرفة العلمية وتطوير المواهب، وتأمل أن يساهم المعرض في ظهور علماء مغاربة”.
من جهته، يقول بوشعيب بلحميرة الباحث في شعبة الجيولوجيا بجامعة شعيب الدكالي بمدينة الجديدة -في حديث للجزيرة نت- “هذا المتحف يكتسي أهمية بالغة في تبسيط العلوم وتنمية معرفة الجمهور الناشئ وغير المتخصص، وأعتقد أن هذا الشكل المنظم للمعرض يساعد الجمهور غير المتخصص في فهم تاريخ تشكل الأرض، وكذلك المجموعة الشمسية”.
برنامج علمي متنوع
ويقدم المعرض لزواره أنشطة علمية مهمة وفق برنامج علمي متنوع، منها التعرف على أول قبة فلكية مفتوحة لعامة الناس بالمغرب قطرها 8 أمتار، للتعرف على السماء ونجومها واكتشاف الأبراج وتحديد كواكب النظام الشمسي، كما تسمح مساحة القبة الفلكية بمشاهدة الأفلام الوثائقية العلمية بتقنية 360 درجة. إضافة إلى مشاهدة عروض استكشاف الفضاء ومن بينها تجربة تلسكوب جيمس ويب، ومشاهدة المجرات والنجوم، وعرض قصة مصورة عن سقوط نيزك تمدخت.
وإضافة إلى ذلك، تقول حسناء الشناوي “يقدم المعرض مجسمات لكواكب المجموعة الشمسية، لأن النيازك تأتي خاصة من حزام الكويكبات، وبعضها يأتي من سطح المريخ وبعضها يأتي من القمر والبعض الآخر يأتي من المذنبات، وبالتالي من الضروري عرض هذه المجسمات بالإضافة إلى مجسم نجم الشمس”.
كما تم عرض مجسم لفوهة نيزكية، وهو نموذج لحفرة اصطدام نيزك بالأرض في صحراء ولاية أريزونا الأميركية، ليعرف الجمهور أن سقوط نيزك كبير على الأرض يمكن أن يخلق فوهة نيزكية.
وبالشراكة مع سفارتي الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا بالمغرب، وفر المعرض نسخا لمجسمات كواكب المجموعة الشمسية وصاروخ أبولو وسبيس إكس ومكوك الفضاء تشالنجر.
ومن المقرر عقد سلسلة من العروض والمحاضرات مدة المعرض، ينشطها باحثون متخصصون في الموضوعات العلمية الممثلة في المعرض، وذلك بهدف تطوير المعرفة لدى الجمهور ورفع مستواهم العلمي.
ومن جديد المعرض في نسخته الثانية، تخصيص جناح خاص بعلم الفلك في الحضارة الإسلامية، اعترافا بدورها في تطوير علم الفلك، وتعريفا بمجهودات علماء المسلمين وذكر أهم إنجازاتهم؛ حيث تم عرض ملصقات تتضمن أهم أسماء علماء المسلمين في علم الفلك، كما تم ذكر بعض مؤلفات علماء المسلمين في علم الفلك.
ويختم الأستاذ بوشعيب بلحميرة حديثه مع الجزيرة نت، بالقول “نحن في حاجة ماسة للمزيد من هذه المبادرات لإنشاء مجموعة من المتاحف، لأن المغرب معروف دوليا بجنة الجيولوجيين، وهناك عمل جبار يقوم به مجموعة من الباحثين، وأدعو إلى الاستثمار في هذا المجال”.