لا يمكن الفصل بين لقاء وليد جنبلاط بممثلين عن “حزب الله” بالأمس، وزيارة تيمور جنبلاط إلى الديمان اليوم.
في”اللحظات الحرجة” تحاول “المختارة” اجتراح دور متمايز والمبادرة إلى موقف متقدم، مما يشرع باب الاجتهاد عند الحلفاء والخصوم على حد سواء، وهو ما يُصعّب الفصل الدقيق بين الإثنين.
يبدي حلفاء جنبلاط “السياديون” تفهماً كبيراً للقائه بـ”حزب الله”. يذهبون أبعد من ذلك في إيجاد المبررات والدوافع الإيجابية للقائه.
في اللحظات الحرجة
يؤكد النائب سليم الصايغ على الحوار القائم والمستمر بين “حزب الكتائب” و”التقدمي الاشتراكي” كما مع كل قوى المعارضة.
يعتبر أن “جنبلاط تحيّن لحظة سياسية دقيقة ليقدم على خطوة مدروسة جداً. فوسط انسداد الأفق، فتح كوّة مع حزب الله. سجل بذلك أهدافاً في أكثر من مرمى. وما تم تسريبه عن اللقاء كاف ليؤكد ذلك. قال لحزب الله أن البلد لا يريد ولا يحتمل حرباً مع إسرائيل. وعليه، لا غطاء وطنياً لمثل هذه الحرب. كما قال لهم أن واقع البلد لا يحتمل رئيساً من 8 آذار، وعليهم أن يبحثوا عن رئيس توافقي”. يضيف الصايغ “يعرف جنبلاط أن لا حرب في الأفق لأن لا مصلحة لإيران فيها، كما يعرف أن قناعة بدأت تتكون لدى حزب الله بوجوب الذهاب نحو رئيس وسطي. وفي الوقت نفسه، بعث برسائل واضحة لحلفائه السياديين بأنه يفاوض حزب الله على ما هم متفقون عليه، من دون التنازل عن الثوابت”.
يقر الصايغ أن “لا الكتائب ولا القوات ولا التغييريين لديهم تواصل وحوار مع حزب الله. ومبادرة جنبلاط تسمح له لأن يكون عراب الانتخابات الرئاسية المقبلة، التي مهما تعثرت ستحصل، فلم لا يكون في صلبها؟”.
ويجد الصايغ في “مسارعة بعضهم إلى تخوين جنبلاط تسرعاً وخفّة. فالسياسة الواقعية تفرض ملاحظة أن الجميع اليوم في مأزق، وجنبلاط يحاول فتح كوّة للحل”.
لكن الصايغ يذهب “أعمق” ليشير إلى أن “جنبلاط، كما كثير من القيادات اللبنانية، يحركها الخوف. لكن في حالة جنبلاط هنالك ما هو أبعد من ذلك. هي قراءات وحسابات تبدأ من السويداء وحروب المنطقة والإقليم ولا تنتهي عند الخطر الديموغرافي والجغرافي ومسؤولية الحفاظ على الطائفة الدرزية التي جددت له الزعامة في الانتخابات الأخيرة”.
القوات وجنبلاط وسقف الاختلاف
بدورها، وجدت “القوات اللبنانية” أسباباً تبريرية للقاء جنبلاط مع “حزب الله”. لا بل ذهب أحد مسؤوليها إلى اعتبار الأمر “شأناً عاديا يحصل منذ أيار 2008 وحتى اليوم. يتوقف قبل الانتخابات أو عند التوترات الإقليمية الكبرى ويُستأنف متى استقرت الظروف نسبياً”.
يؤكد المسؤول أن “محضر اللقاء هو المهم، وفيه يؤكد جنبلاط تمسكه بالثوابت. فقد تناول أربعة بنود. الأول: وضع النقاط الخلافية جانباً وخارج البحث. وهذا يبدأ بموضوع السلاح ولا ينتهي بالحروب خارج الحدود. الثاني: رفض رئيس من 8 آذار. الثالث: رفض الحرب وجعل لبنان أداة في صراعات المنطقة. والرابع: وجوب الاتفاق مع صندوق النقد لإيجاد حلول للأزمات الاقتصادية”. يتابع “الأداء الجنبلاطي قد يختلف معنا في التكتيك وفي سقوف المواقف، لكننا لا نزال نتفق على تشخيص أسباب أزماتنا والتحديات التي تواجهنا، كما نتفق على الهدف الأساسي وهو وجوب العبور إلى الدولة”.
تيمور في الديمان
لا تبتعد زيارة تيمور جنبلاط إلى الديمان اليوم عن سياق لقاء جنبلاط بوفد “حزب الله” أمس. لم يجافِ تيمور قناعته حين أكد من الديمان أن “شراكتنا الوطنية والتاريخية هي شراكة ثابتة بدأت بمصالحة الجبل وان شاء الله ستستمر في المستقبل من أجل مصلحة لبنان ولاستقلاله ولسيادته رغم كل الضغوط والمواقف السياسية”. هي كلمات مقتضبة، على الأرجح صاغ تيمور جملتها الأخيرة “مصلحة لبنان، استقلاله، سيادته.. رغم كل الضغوط والمواقف السياسية”.