صحيفة المرصد : أكد الكاتب الصحفي عبدالحميد العمري ، أن الأسواق العقارية في المملكة ستصحح أسعارها في ظل الظروف الاقتصادية ، ما سيؤدي إلى عودة الأسعار نحو مناطق عادلة ومستقرة ، لتكون في متناول الجميع .
وقال العمري ، خلال مقاله “أسباب تصحيح أسعار العقارات.. وآثاره الإيجابية تنمويًّا” ، بصحيفة “الاقتصادية” ، ” تواجه الأسواق العقارية ارتفاعا مطردا لمعدلات الفائدة نتيجة للقرارات التي اتخذتها ولا تزال تتخذها من فترة إلى أخرى البنوك المركزية حول العالم، لمحاربة التضخم المرتفع عند أعلى مستوياته خلال أكثر من أربعة عقود زمنية مضت”.
وأردف ، حتى إن عددًا من تلك البنوك المركزية، وعلى رأسها الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، اعترفت صراحة بأنه لا مانع لديها من التضحية بالنمو الاقتصادي، وارتفاع معدل البطالة لفترة زمنية قد تمتد إلى عامين متتاليين، وقد تتجاوزها بعدة أشهر، في مقابل انحسار معدل التضخم وعودته إلى مستوى 2.0 في المائة فما دون”.
وكشف العمري ، عن أسباب ارتفاع أسعار العقارات في الماضي، قائلا ، “كما هو معلوم، فما حدث من ارتفاعات قياسية لأسعار المساكن في مختلف الأسواق حول العالم، جاء نتيجة الانخفاضات القياسية في معدلات الفائدة، التي قابلها ضخ القطاعات التمويلية عشرات التريليونات من الدولارات، وكانت نتائجها عدا ارتفاع معدلات التضخم، أن أسعار العقارات عمومًا قفزت بأعلى وتيرة لها خلال أكثر من خمسة عقود زمنية مضت، ومنها بالطبع السوق العقارية المحلية التي شهدت ضخّ نحو 0.5 تريليون ريال في السوق منذ مطلع 2019 حتى ما بعد منتصف العام الجاري .
“ارتفاع الأسعار وركود سوق العقار “
وأضاف ، مع هذه المتغيرات اللافتة على مستوى جميع الأسواق العقارية عالميًّا، كان طبيعيًّا أن يتزايد الحديث محليًّا عن أوضاع السوق العقارية، على أثر الركود الذي خضعت له طوال الأشهر القليلة الماضية، وبدأ انعكاسه على الأسعار المتضخّمة لمختلف الأصول العقارية من أراض ومنتجات عقارية .
واستطرد قائلاً ، ” حتى إنه تحوّل إلى احتلاله الموضوع الأبرز على مستوى أحاديث المجالس وأغلب منصات التواصل المعاصرة، وعبر مختلف وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة ، قليل جدًّا من لديه طرح يستند إلى الخبرة والدراية بحقائق السوق، وإلى القدر اللازم من البيانات والمعلومات المستقاة من المصادر الرسمية والموثوقة”.
صناع القرار بشأن العقارات وأسس اتخاذها
وأوضح العمري ، أنه يجب ألا يصنع متخذ القرار في الشأن العقاري أي قرار له إلا على أسس متينة من البيانات والمعلومات الموثوقة، وأن يأخذ في عين اعتباره جميع المعطيات الاقتصادية الكلية، فينظر إلى ما تحت مسؤوليته في هذا الشأن ضمن منظومة متكاملة من الأبعاد التنموية والاقتصادية والمالية والمجتمعية، وأن تتكامل قراراته وإجراءاته مع قرارات متخذي القرار في بقية القطاعات والنشاطات ذات العلاقة”.
وأشار إلى أنه لا توجد أي سوق حول العالم تتخذ فيها الأسعار مسارًا صاعدًا للأبد، ولا حتى مسارًا هابطًا للأبد! هذه الحقيقة التي يغفل عنها كثيرون لأي سبب كان، والتأكيد هنا أن اتجاهات الأسواق عمومًا مرهونة بالأوضاع الاقتصادية والمالية المحيطة، إضافة إلى السياسات الاقتصادية عمومًا والمالية والنقدية خصوصًا.
وتابع ، وفيما يخص السوق العقارية محليًّا خصوصًا، فقد اقترن مصيرها بدرجة كبيرة جدًّا خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة تحديدًا بالقطاع التمويلي، وكان اللاعب الأكبر في زيادة نشاطات السوق وارتفاع الأسعار طوال تلك الفترة، التي اتسمت بانخفاض معدل الفائدة وزيادة الائتمان العقاري بصورة غير مسبوقة “0.5 تريليون ريال”.
أسعار العقارات بالمملكة ستكون في متناول المواطن
وفي نهاية مقاله ، بشر العمري ، بأن أسعار العقارات بالمملكة ستكون في متناول المواطن، قائلا، مع التطورات الراهنة التي تشهد خلالها السوق العقارية المحلية صورة مغايرة تمامًا لما حدث لها طوال أكثر من ثلاثة أعوام مضت، تحول معها معدل الفائدة نحو الارتفاع المتسارع، ووصل إلى أعلى مستوياته منذ النصف الثاني من 2008، وتراجعت أحجام القروض العقارية بأكثر من نصف مستوياتها التي كانت عليها العام الماضي .
كما شهدت السوق العقارية انعكاساته في وقت مبكر منذ منتصف العام الجاري، وبدأت آثاره تمتد إلى الأسعار المرتفعة لمختلف الأصول العقارية مع نهاية الربع الثالث الجاري، كل هذا يجب النظر إليه على أنه أمر صحي للسوق وللاقتصاد الوطني خصوصًا، الذي سيؤدي إلى عودة الأسعار نحو مناطق عادلة ومستقرة وتكون في متناول أفراد المجتمع، وهذا بالتأكيد المكسب الأكبر الذي تتصاغر أمامه أي جوانب أخرى، أو أي مصالح ضيقة لدى المستفيدين من التضخم في أسعار الأراضي والعقارات .