التخطي إلى المحتوى

“الدولار بطّل مثل قبل”، “الـ100 دولار بطّلت تسوى شي”، و”الأشيا عم تغلا عَ الدولار”. عبارات تكرّرت على مسامعنا في الفترة الأخيرة بعدما كان الدولار الحائط الذي يتكئ عليه ويسعى إليه كلّ لبناني في ظلّ الأزمة. وبعدما كان يُحسد من يتقاضى راتبه بالعملة الصعبة، بات حتى هو اليوم يشتكي. فهل فقد الدولار قيمته؟ 

يؤكّد الباحث الاقتصادي والمالي د. محمود جباعي، في حديثٍ لـ”الأنباء” الإلكترونيّة، أنّ القيمة الشرائية للدولار اليوم بالتأكيد قلّت بالمقارنة مع فترة بداية الأزمة. ويشرح: “مع بداية الأزمة والتخبّط وفي ظلّ سياسة الدعم آنذاك كانت قيمة الدولار مرتفعة بالنسبة لموضوع الصرف، أي أنّ حاجات الأسرة كانت تُغطّى بين 400 إلى 500 دولار عندما كان الدعم لا يزال قائماً. بالإضافة إلى أنّه في بداية الأزمة انخفضت الأسعار كثيراً على الدولار في مقارنة مع ما قبل الأزمة ما فضح الأرباح الهائلة التي كان يحقّقها التجار والشركات سابقاً. كل ذلك بالإضافة إلى انخفاض الرواتب في لبنان أدّى إلى ارتفاع القوّة الشرائية للدولار مقابل الليرة”. 

ولكن، يُتابع جباعي، “بعد التسعير بالدولار في الفترة الماضية والنمو والنشاط الاقتصادي الذي شهده القطاع الخاص وتبيان وجود كمية دولارات كبيرة جدًّا واقتصاد كاش قوي جدًّا، كلّ ذلك جعل التضخم يزداد بالدولار. وبالتالي قيمة الدولار تتراجع وقد عادت تدريجاً إلى ما كانت عليه قبل الـ2019. واليوم مع استمرار هذه العوامل، من تسعير بالدولار والاقتصاد النقدي وغيرها، سيزداد تضخّم الدولار الذي وصل إلى حوالى 50 في المئة ومن المتوقّع أن يستمرّ على هذا النحو في المرحلة المقبلة”. 

إذاً من متوقّع أن يستمرّ الدولار في مزيد من خسارة قيمته، فأي مصير ينتظر العائلات؟ 

يقول الأخير: “حاجات الأسر اليوم عادت كما قبل الأزمة أي أنّ الأسرة بحاجة إلى ما بين 800 إلى 1000 دولار شهريًّا بالحدّ الأدنى كي تتمكّن من تأمين أبسط الحاجات وأقلّ من ذلك يعني أنّ الأسرة تعاني، وهذا حال العاملين في القطاع العام الذين يحاولون تأمين حاجاتهم من مصادر أخرى. ولذلك على الدولة العمل على تحسين هذه الرواتب من خلال تحسين الجباية والإرادات”، داعياً إلى تحسين هذا الأمر وإلا ذاهبون باتجاه مشكلة إجتماعية. 

وفي هذا السياق، يرى جباعي أنّنا ذاهبون نحو مزيد من الارتفاع في الأسعار خلال العام المقبل ومن هنا الحاجة إلى اتفاق بين وزارة المال ومصرف لبنان لمحاولة تأمين الرواتب بالدولار وبالتالي تأمين القليل من الحماية الاجتماعية وإلا سيتسمر القطاع العام بالمعاناة والإدارات ستبقى تعاني. 

إذاً قوّة الدولار الشرائيّة ضعفت في ظل “الأسعار الجنون”، ومرجّح أن تستمرّ على هذا الحال وأكثر. وبعد أن بات البلد بأكمله مدولر، ما حجّة المسؤولين لعدم اعتماد الدولرة الشاملة؟

Scan the code