يقف لبنان أمام مفترق طرق هام و”الكباش” بين المصارف ومصرف لبنان من جهة والدولة والمودعين من جهة أخرى يحتدم. فقد بات معلوما أن البنوك رفعت سقف التحدي كثيراً الى حدّ إعلان اقفال أبوابها الى حين إيجاد حلّ لقضية دخول المودعين الى المصارف لطلب الودائع “بالقوة”.
عند إعلان الاقفال توقّع الجميع أن يرتفع الدولار بشكل كبير وأن تقوم الدنيا ولا تقعد، المشهد اليوم ليس واضحاً لما يحصل فمن يقرأ حجم التداول على منصّة صيرفة يسأل كيف تُسجل هذه الأرقام والمصارف مقفلة؟.
فعلياً يوجد ثلاثة لاعبين أساسيين على منصة صيرفة ويجرون العمليات عليها وهم مصرف لبنان، المصارف والصيارفة من الفئة الاولى.
فلنعد قليلاً الى عمليات التداول على منصّة صيرفة (بحسب البيان الذي يصدره مصرف لبنان) خلال هذا الاسبوع والاسبوع الماضي قبل الاقفال.
أرقام التداول
الاثنين 19 أيلول 2022 / 48 مليون دولارا، الثلاثاء 20 أيلول 2022 /41 مليون دولارا، الأربعاء 21 أيلول 2022 / 20 مليون دولارا، الخميس 22 أيلول 2022 /52 مليون دولارا، بينما الجمعة 16 أيلول (أيّ قبل اقفال المصارف) /57 مليون دولارا. السؤال ما تفسير هذه الارقام إذا كانت المصارف مقفلة! وهي لاعب من ثلاثة لاعبين على منصة صيرفة؟!.
لا شكّ أنّ العمليات على المنصة تجري بطريقة عاديّة والا لما أتت هذه الارقام. تسأل في المصارف، لا تجد الجواب لدى مصادرها عن هذا الامر وكأنها تخفي شيئاً لا تريد أن تقوله، “تارةً الارقام ناتجة عن معاملات سابقة لشركات تقدّمت بها المصارف الى مصرف لبنان الّذي يحرر المبالغ تدريجياً، وتارةً أخرى تقول البنوك أنّها تسعى الى تسهيل معاملات الشركات، بعدها تذهب الى العمليّات على ATM وهي تسير بشكل طبيعي”… حسناً كلّ هذا جيّد فالعمليات على ATM تجري بشكل عادي وهذا أمر معروف، ولكن هناك نقطة ناقصة، المصارف مُقفلة، أي أنه يفترض أن تكون عملياتها مقتصرة على ATM فقط، ما يعني أنه لا يمكن أن يبقى حجم التداول نفسه حين تكون المصارف مقفلة.
ادارات تعمل
نذهب الى مصرف لبنان لنسأل عن حجم هذا التداول، يأتيك الجواب من مصادره “المصارف مقفلة ولكن الادارات الرسميّة لها يفترض أنها تعمل بشكل عادي”… إذاً بدأت الصورة تتوضّح قليلاً، ولكن ماذا عن صيارفة الفئة الاولى؟.
أحد الصيارفة أ. س. من الفئة الاولى لا يختلف الحال لديه اليوم عن البارحة وحتّى عن الاسبوع الماضي، يشرح لـ”النشرة” أن “المعادلة بسيطة لديه، المواطنون يبيعون والتجار يشترون الدولار، وهذا الامر لا يزال مستمراً كما كان طيلة الفترة السابقة”، مؤكّدا أنّ “عمليات شراء العملة الخضراء بالكميات الكبيرة يقوم بها التجار”.
اقفال فروع فقط
في السياق عينه، يختصر الخبير الاقتصادي جاسم عجاقة المشهد بالقول أن “اقفال المصارف هو فقط إقفال فروع لهم، ولكن عملياتهم تجري بشكل طبيعي لناحية منصة صيرفة إضافة الى العمل على ATM”، مضيفاً ان “أغلب الظنّ لحجم التداول هذا هو الطلب الهائل للتجار على المنصة وتخزين البضائع قبل اقرار الدولار الجمركي إن حصل”.
إذاً، لا جواب واضح على المسألة، ووحدها الارقام تتحدّث، وتقول إن عمليّات صيرفة قبل اقفال المصارف تكاد لا تختلف عن فترة اقفالها باستثناء يوم الاربعاء 21 ايلول 2022، الذي انخفض فيه حجم التداول الى 20 مليون دولار، يومها تدخل مصرف لبنان في السوق وطلب من الشركات الكبرى عدم شراء الدولار في ذاك اليوم، بحسب ما تؤكّد المصادر، فانخفض السعر 2500 ليرة.
الواضح أنّ المصارف تقوم بالعمليّات على المنصة بشكل عادي خلال فترة الاقفال، والخلاصة الوحيدة أنها “مستمرّة بنشاطها المعتاد بينما تقفل أبوابها أمام الزبائن فقط”!.