بوتين يدعو إلى شراكة مع الدول التي «تشاطر روسيا المواقف»
شكّل انعقاد «منتدى الجيش 2023» الذي تنظمه وزارة الدفاع الروسية، ويتضمن معرضاً للمنتجات العسكرية، يليه في اليوم الثاني مؤتمر الأمن الدولي الذي يحضره ممثلو وزارات الدفاع في عشرات الدول، ويناقش ملفات الأمن الإقليمي والدولي، اختباراً جديداً لقدرة موسكو على حشد الحلفاء والشركاء الأمنيين والعسكريين.
وأبدى الرئيس فلاديمير بوتين ارتياحه لحجم المشاركة في الفعاليتين، وأعرب عن استعداد موسكو لتطوير الشراكة التكنولوجية والتعاون العسكري التقني مع كل من يدافع عن مصالحه الوطنية، وطريق التنمية المستقلة مع الشركاء الذين يشاطرون موسكو مواقفها.
وقال بوتين في تسجيل مصور شارك من خلاله في افتتاح «منتدى الجيش 2023»، إن «روسيا منفتحة على تعميق الشراكة التكنولوجية المتساوية، والتعاون العسكري التقني مع البلدان الأخرى، ومع كل من يدافع عن مصالحه الوطنية وطريقه المستقل للتنمية، ويرى أنه من المهم بشكل أساسي أن نبني معاً نظاماً أمنياً متساوياً، وغير قابل للتجزئة، يحمي كل دولة بشكل موثوق».
معرض عسكري ومنتدى للأمن في موسكو
ورحّب بوتين بمشاركة 80 مؤسسة أجنبية قدمت منتجاتها العسكرية والأمنية في المنتدى هذا العام، مقارنة بـ32 مؤسسة صناعية وعسكرية كانت قد شاركت في أعمال النسخة السابقة من المنتدى العام الماضي. وقال الرئيس الروسي إن بلاده تعرض خلال أعمال المنتدى على شركائها مجموعة واسعة من الأسلحة الحديثة من جميع الطرازات تقريباً. وزاد بأن سوق المنتجات التي تستخدم الذكاء الاصطناعي آخذة في الازدياد في روسيا. ولفت إلى أن «منتدى الجيش 2023» يولي اهتماماً خاصاً لموضوع الطائرات من دون طيار، وهذا الاتجاه يتطور بنشاط اليوم في كل من القطاعين العسكري والمدني.
كما خاطب الحاضرين بالإشارة إلى ضرورة الالتفات لـ«المنتجات المبتكرة والمدنية التي ينتجها مجمعنا الصناعي الدفاعي، من زوارق ومروحيات وبرمائيات وطائرات من دون طيار، تستخدم لمجموعة واسعة من الأغراض». وقال إن روسيا تقترح تطوير التعاون في مجال تدريب وتعليم العسكريين وتنظيم المناورات المشتركة، معرباً عن ثقته بأن «يعزز المنتدى الشراكة لضمان الأمن في العالم».
وكانت وزارة الدفاع الروسية قد أعلنت أنها تعرض خلال أعمال المنتدى للعام الحالي نسخاً متطورة من أنظمة الرادار متعددة الأغراض، وأنظمة صاروخية حديثة، وابتكارات عدّة في مجالات الدفاع والأنظمة العسكرية.
ويكتسب المعرض العام الحالي أهمية إضافية؛ نظراً لاحتوائه على منتجات تم تطويرها على خلفية التجارب التي مرت بها روسيا عملياً خلال الحرب الجارية في أوكرانيا، وتم التوقف -خصوصاً- في هذا الشأن عند الطائرات المُسيَّرة وبعض أنظمة الإنذار المبكر وطرازات من الصواريخ.
وفي وقت مبكر من صباح الاثنين، تفقد وزير الدفاع سيرغي شويغو الجناح الروسي في المعرض، واطّلع على «أحدث أنواع المُسيَّرات والمروحيات وأسلحة الطائرات الروسية»، وفقاً لوكالة أنباء «نوفوستي» الحكومية التي قالت إن الوزير قام خلال جولة في المعرض بالاطلاع على «نماذج متقدمة للغاية للمعدات الجوية».
كما عرض مسؤولون في مؤسسات المجمع الصناعي العسكري، أمام الوزير، نماذج محركات للطائرات من دون طيار من مختلف الفئات، وأسلحة طيران متطورة، بالإضافة إلى أحدث الطائرات والمروحيات التابعة للقوات الجوية.
ونقلت محطات التلفزيون الروسي لقطات خلال تفقد شويغو لمقاتلة «سوخوي- 57» من الجيل الخامس، المزودة بـ«أحدث وسائل التدمير»، والطائرتين «سوخوي- 30 إس إم 2»، و«سوخوي- 34»، ومروحية النقل العسكري «مي-26 تي 2 بي» والمروحية متعددة الأغراض «كا- 32 آ 11 إم»، والمُسيَّرات: «إينوخوديتس»، و«تيرميت»، و«ألتيوس- رو»، و«فوربوست إر»، و«غروم»، و«شيرشن». كما اطّلع شويغو على عمل مجمع متنقل لتصليح الطائرات العسكرية، يمكنه ترميم محركات الطائرات في الظروف الميدانية.
وكان وزير الدفاع الروسي قد قال إن وزارته تخطط لإبرام عقود بقيمة 433 مليار روبل (5 مليارات دولار)، خلال «منتدى الجيش 2023» الذي يقام في قاعدة جوية قرب موسكو ويستمر لمدة أسبوع. ووفقاً للوزير، فإن ما يقرب من 1.5 ألف شركة تعرض خلال المنتدى نحو 28 ألف عينة من المنتجات العسكرية وذات الاستخدام المزدوج. وتتضمن هذه المعروضات تشكيلة واسعة من المنتجات والاختراعات العسكرية- الفنية الروسية التي تم اختبارها في ظروف القتال الحقيقية على نطاق واسع.
وأوضح شويغو أنه تمت دعوة عدد كبير من وزراء الدفاع من مختلف الدول لحضور فعاليات المنتدى. ويتضمن البرنامج العلمي- التجاري لهذا المنتدى أكثر من 260 فعالية، لمناقشة الجوانب الموضوعية لتطوير الصناعة الدفاعية، والتعاون العسكري، وكذلك العسكري- التقني.
وبالتزامن مع المنتدى، يعقد، الثلاثاء، مؤتمر موسكو الحادي عشر للأمن الدولي، ويتضمن برنامجه «بحث قضايا الاستقرار العالمي في سياق تشكيل عالم متعدد الأقطاب، وكذلك التعاون بين وزارات الدفاع في مختلف البلدان، وكذلك الجوانب العسكرية والأمن الإقليمي في أوروبا وآسيا وأميركا اللاتينية والشرق الأوسط وأفريقيا»، وفقاً لبيان وزارة الدفاع. ويشارك في المؤتمر وزراء دفاع أو نواب عنهم من عشرات الدول،
ومع تركيز الاهتمام الروسي على حجم مشاركة الحلفاء والشركاء على الرغم من الضغوط الغربية الممارَسة، فإن الاهتمام الروسي بدا منصباً -كما ظهر من تصريحات شويغو- على توجه موسكو لتعميق الشراكات مع بلدان عدة، على رأسها الصين وكوريا الشمالية وإيران.
وكان شويغو قد عاد أخيراً من جولة شملت الصين وكوريا الشمالية. وأعلن من بيونغ يانغ أن روسيا «تعتزم تعزيز التعاون مع جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية، بما يحقق مصالح البلدين». وأشارت وزارة الدفاع الروسية إلى أن الزيارة مثلت «خطوة مهمة في تطور التعاون بين البلدين».
وزير الدفاع الصيني في روسيا وبيلاروسيا
في سياق متصل، أعلنت الوزارة أن وزير الدفاع الصيني لي شانغ فو، بدأ زيارة إلى روسيا وبيلاروسيا المجاورة، في إطار مشاركته في أعمال مؤتمر الأمن الدولي. وقال الناطق باسم وزارة الدفاع الصينية، وو تشيان، الاثنين، إنه «بدعوة من وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، ووزير دفاع بيلاروسيا فيكتور خرينين، سيقوم عضو مجلس الدولة لجمهورية الصين الشعبية ووزير الدفاع لي شانغ فو بزيارة لروسيا، بدءاً من 14 أغسطس (آب)؛ حيث يشارك في مؤتمر موسكو الحادي عشر للأمن الدولي، وسيقوم بعد ذلك بزيارة بيلاروسيا».
وتزامن ذلك مع إعلان الخارجية الصينية أن بكين تعمل على تطوير الشراكة الاستراتيجية الشاملة مع موسكو. وأكد الناطق باسم الخارجية الصينية وانغ ون بين «استمرار تطوير الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين بكين وموسكو، في ظل العصر الجديد، تحت قيادة رئيسي البلدين: شي جينبينغ، وفلاديمير بوتين». وأوضح الناطق باسم الخارجية الصينية، أن بكين وموسكو تعملان باستمرار على تعزيز التعاون الثنائي، بينما تجري مناقشة حزمة واسعة من القضايا ذات الاهتمام المشترك.
وكان مساعد الرئيس الروسي يوري أوشاكوف، قد قال نهاية الشهر الماضي، إنه من المقرر أن يقوم الرئيس الروسي بزيارة إلى الصين في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، للمشاركة في أعمال منتدى «حزام واحد- طريق واحد».
في غضون ذلك، أُعلن في موسكو، الاثنين، أن نائب رئيس الأركان الإيراني، نصير زادة، قد وصل إلى موسكو على رأس وفد عسكري رفيع المستوى، بهدف المشاركة في فعاليات مؤتمر الدفاع والأمن. وتأتي الزيارة تلبية لدعوة رسمية من وزير الدفاع الروسي. ويشارك الوفد الإيراني في مراسم افتتاح المؤتمر والمعرض العسكري، كما أن أجندته تشمل لقاءات مع عدد من رؤساء الوفود الأجنبية المشاركة.
لكن الحضور الإيراني في الفعالية العسكرية لا يقتصر على المشاركة في اللقاءات؛ إذ تعرض طهران خلال الفعالية طرازات من الصناعات الدفاعية والعسكرية، بينها مُسيَّرات وأنظمة صاروخية متعددة الأغراض، وتقنيات أخرى.