ذكرت صحيفة “الغارديان” أن المرأة السعودية التي حكم عليها بالسجن 34 عاما بسبب تفاعلها مع ناشطين ومعارضين على تويتر، أبلغ عنها عن طريق تطبيق إلكتروني.
وأفادت الصحيفة البريطانية أن، سلمى الشهاب، تعرضت لبلاغ من مستخدم في تويتر يطلق على نفسه “فيصل أو تي بي” عبر تطبيق “كلنا أمن” التابع لوزارة الداخلية.
كانت محكمة سعودية حكمت على الشهاب التي تدرس بجامعة ليدز بالمملكة المتحدة، بالسجن 34 عاما لامتلاكها حسابا على تويتر ولمتابعتها وتفاعلها مع حسابات معارضين وناشطين، وفقا لما ذكرته “الغارديان”، و”واشنطن بوست” الثلاثاء.
وبحسب الصحيفة، فإن سلمى الشهاب (34 عاما)، هي أم لطفلين، وحكم عليها في البداية بالسجن ثلاث سنوات بتهمة “جريمة” استخدام موقع إنترنت “لإثارة الاضطرابات العامة وزعزعة الأمن”، لكن محكمة الاستئناف أصدرت حكما جديدا، الاثنين، بالسجن لمدة 34 عاما يليها حظر سفر لمدة 34 عاما أيضا – بعد أن طلب المدعي العام من المحكمة النظر في جرائم مزعومة أخرى.
ووفقا لترجمة سجلات المحكمة، التي اطلعت عليها صحيفة “الغارديان”، فإن التهم الجديدة تشمل الادعاء بأن الشهاب كانت “تساعد أولئك الذين يسعون إلى إثارة الاضطرابات العامة وزعزعة الأمن (…) من خلال متابعة حساباتهم على تويتر” وإعادة نشر تغريداتهم.
ويعتقد أن الشهاب ربما لا تزال قادرة على طلب استئناف جديد في القضية.
وتُظهر مراجعة تغريدات وأنشطة حساب سلمى شهاب على تويتر، أنها تلقيت رسالة من شخص يدعى “فيصل أو تي بي” بعد أن علقت على تغريدة لحساب “مشاريع السعودية” بموافقة مجلس الوزراء على تشغيل نظام نقل حافلات في بعض مدن المملكة.
في 9 أكتوبر، علقت الشهاب على تغريدة “مشاريع السعودية” بكلمة “هرمنا”. وردا على هذه التغريدة، كتب فيصل في 15 نوفمبر: “بحثت في كتبتيه ولفتني علم السعودية بجانب علم فلسطين جاني فضول دخلت على حسابك الا القى فيها قمامة ومثيره للشفقة صورت كذا صورة وأرسلت لها في كلنا أمن إذا كنتِ بالسعودية أتمنى أنه يتم تسفيرك للفلسطين الحبيبة”.
من جانبها، ردت الشهاب على فيصل قائلة: “يا زينها من دعوة. الله يكتب لنا زيارة لفلسطين وصلاة في المسجد الأقصى. لكن في الوقت الحالي أبقعد ع خشمك ودز (أرسل) بدل الشكوى ثنتين”.
و”كلنا أمن” هو تطبيق سعودي حكومي يسمح للمواطنين والمقيمين بالإبلاغ عن الجرائم المتعلقة بالاعتداءات الشخصية على الحياة والتهديدات وانتحال الهوية والابتزاز واختراق حسابات وسائل التواصل الاجتماعي، علاوة على التشهير والاحتيال والجرائم الجنائية الأخرى.
ويوصف التطبيق المواطن السعودي على أنه “رجل الأمن الأول”.
وكانت شهاب لا تزال تعمل على إكمال الدكتوراه في المملكة المتحدة في ديسمبر 2020 عندما عادت إلى السعودية لزيارة عائلتها خلال يناير عام 2021. وبعد أسابيع قليلة من زيارتها، تم استدعاؤها لإبلاغ السلطات السعودية التي اعتقلتها وحاكمتها لاستخدامها تويتر.
وركز بحث شهاب في الدكتوراه على تحسين علاج الأسنان للمرضى ذوي الإعاقة.
وقال متحدث باسم جامعة ليدز، الأربعاء، “نحن قلقون للغاية لمعرفة هذا التطور الأخير في وضع سلمى ونحن نسعى للحصول على المشورة بشأن ما إذا كان هناك أي شيء يمكننا القيام به لدعمها. تظل أفكارنا مع سلمى وعائلتها وأصدقائها من بين مجتمعنا المترابط من الباحثين في الدراسات العليا”.
والأربعاء، قالت وزارة الخارجية الأميركية إن الولايات المتحدة تدرس قضية الناشطة في مجال حقوق المرأة، سلمى الشهاب، التي حُكم عليها بالسجن 34 عاما فى السعودية.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، نيد برايس، للصحفيين، “يجب عدم تجريم ممارسة حرية التعبير للدفاع عن حقوق المرأة، يجب عدم تجريمها مطلقا”.
وأدانت جماعات حقوق الإنسان وغيرها من المنافذ المؤيدة للديمقراطية قضية شهاب، وقالوا إن الحكم القاسي ضدها كان دليلًا إضافيًا على حملة ولي العهد محمد بن سلمان التي لا هوادة فيها ضد المعارضين.
وصدر الحكم عن محكمة مختصة بقضايا الإرهاب بعد أسابيع من زيارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، إلى السعودية، والتي حذر نشطاء حقوق الإنسان من أنها قد تشجع المملكة على تصعيد حملتها القمعية ضد المعارضين وغيرهم من النشطاء المؤيدين للديمقراطية.
وقالت الباحثة في “سيتيزن لاب” بجامعة تورنتو، نورا الجيزاوي، إن استخدام مثل هذه التطبيقات – التي يمكن تنزيلها عبر متاجر التطبيقات لمستخدمي آيفون وأندرويد – يمثل “مرحلة جديدة من السلطوية الرقمية”.
وأضافت: “كان هذا النوع من الرقابة من قبل قوات المخابرات الأمنية، ولكن الآن وجود هذه التطبيقات وتشجيع المواطنين على الإبلاغ عن بعضهم البعض، يفتح الباب أمام رقابة واسعة النطاق”.
وقالت الجيزاوي “إنه أمر مقلق للغاية لأن الأشخاص الذين ينشرون شيئا لا يمكنهم التنبؤ بالمخاطر أو من سيبلغون عنها، ومن سيعود ويبحث في خلاصته عن منشورات لا تتوافق مع الدعاية الحكومية”.
ويظهر حساب الشهاب أيضا أنها متعاطفة مع قضايا المرأة وغردت بآراء مؤيدة لإطلاق سراح معتقلي الرأي، لا سيما النساء منهم.
من جهته، قال أحد أصدقاء سلمى الشهاب في المملكة المتحدة إنهم قلقون من استهدافها من قبل الحكومة السعودية.
وقال الصديق، الذي طلب عدم الكشف عن هويته خوفا من استهداف مماثل، إن الشهاب كانت تغرد بانتظام لدعم حقوق الآخرين لكنها تعتقد أن الأمر لم يلاحظه أحد لأنه ليس لديها الكثير من المتابعين على تويتر. وحساب سلمى الشهاب يحظى حاليا بـ 2900 متابع فقط.
وأضاف الصديق: “كانت تقف دائمًا مع جميع حقوق الإنسان في السعودية أو خارجها. لديها شخصية لطيفة للغاية ولا يمكنك رؤيتها بدون ابتسامة جميلة على وجهها”.
وقال إن سلمى الشهاب، التي كانت تدرس في المملكة المتحدة منذ عام 2017، لم تكن تنتقد الحكومة بشكل خاص وكانت مؤيدة لرؤية 2030، وهي خطة الأمير محمد بن سلمان لتنويع الاقتصاد السعودي بعيدا عن النفط ونحو الخدمات مثل الصحة والسياحة.
وتابع: “كانت سعيدة بالخطوات الصغيرة تجاه حقوق المرأة مثل القيادة”.