لا تزال قضية كيفية دفع رواتب القطاع العام والمؤسسات الأمنية والعسكرية بالليرة اللبنانية أو بالدولار محور نقاش بين وزارة المالية وحاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري.
وحتى الآن، فإنّ المعنيين والمتابعين للملف يؤكدون أنَّ “الرواتب مؤمنة”، لكن السيناريوهات تتعدد بالنسبة لآلية الدفع، وآخرها ما تردد مؤخراً عن أنَّ المصرف المركزي سيلجأ إلى شراء دولارات من السوق مقابل كمية الليرات “الكاش” التي تحصّلها الدولة، وبالتالي دفع الرواتب بـ”الدولار”.
وتوضيحاً لهذه النقطة، يقول خبير اقتصادي لـ“لبنان24” إنه “بموجب قانون النقد والتسليف يحق للمصرف المركزي التدخل في السوق وشراء الدولار وبيعه بهدف المحافظة على استقرار السوق من جهة والعملة الوطنية من جهة أخرى”.
ويتابع: “في حال أقدم “المركزي على هذه الآلية لدفع رواتب القطاع العام بالدولار، فإننا سنكون أمام السيناريو نفسه الذي كان يعتمده الحاكم السابق رياض سلامة، ولكن بإخراج سيء، حيث كان يلجأ لـ “ضب” الدولار من السوق ومن ثم استخدام هذه الأموال من خلال منصة صيرفة”.
ويُشدد الخبير الاقتصادي على أن “الاقتراض من مصرف لبنان سواء بالدولار أو بالليرة أو من السيولة يجب ان يتم بموجب تشريع لم يصدر بعد، وعلى الحاكم بالإنابة وسيم منصوري أن يُنفذ قرار الحكومة في حال طُلب منه تزويد الدولة بالأموال”.
ويُشير الخبير أيضاً إلى أنَّ “الاقتراض من المصادر الداخلية ليس له سوى سبيل واحد وهو أن تعمد وزارة المالية لإصدار سندات خزينة يشتريها مصرف لبنان ويؤمن السيولة من خلالها، وفي حال تم دفع الرواتب بالليرة اللبنانية فسيؤدي ذلك إلى زيادة الطلب على الدولار، وإذا كان الدفع بالدولار فسيخلق تضخماً بالسيولة بالليرة”.
ويحذر الخبير الاقتصادي من إمكانية إتخاذ الدولار منحى تصاعدياً خلال المراحل المقبلة، ويضيف: “إذا تم دفع رواتب القطاع العام بالليرة سيكون الضغط أسرع على الدولار، أما إذا كان الدفع بالعملة الصعبة فسيكون المصرف المركزي يضخ الليرة لدى الصيارفة الأمر الذي سيزيد من كتلة السيولة بالليرة ويُعيد التضخم إلى نسب مرتفعة ما سيُشكّل ضغطاً على الدولار، وفي الحالتين سيأخذ الدولار منحى تصاعديا ولكن متى سيحدث ذلك يبقى الأمر رهنا بالتطورات المُقبلة”، بحسب قوله.
في غضونِ ذلك، تقولُ مصادر ناشطة في القطاع الماليّ لـ“لبنان24” إنّ الحديث عن إمكانية تجزئة دفع الرواتب بالليرة خلال الشهر يمكن أن يساهم في التخفيف من وطأة زيادة السيولة بالعملة الوطنية بشكلٍ مباشر وسريع، وبالتالي لجم أي ارتفاعٍ كبير في سعر الدولار.
ولفتت إلى أنَّ ضخّ الليرة دفعة واحدة في السوق خلال فترة زمنية وجيزة سيؤدي إلى خضّة ملحوظة بشكلٍ بارز، مشيرة إلى أن هذا الأمر يدركه المصرف المركزي ويعمل على تجنّبه في الوقت الراهن بالتنسيق مع المعنيين، وأضافت: “من الآن وحتى نهاية الشهر، من الممكن أن يتبلور حلٌّ أولي لمسألة الرواتب على أن يخضعَ ذلك للتنقيح والتعديل بغية إرساء آلية واضحة للأشهر المقبلة كي لا تتجدد الأزمة”.