التخطي إلى المحتوى

انتقدت عمّان، الخميس، تصريحات للسفير الهولندي في المملكة هاري فيرفاي، أشار فيها إلى تراجع حرية التعبير في الأردن.  وأعربت وزارة الخارجية الأردنية عن رفضها ما وصفته بالتدخل في شؤون الأردن الداخلية.

وفيما أكد محللون أردنيون تراجع هامش الحريات في المملكة، قال المكتب الإعلامي في رئاسة الوزراء لموقع “الحرة” إن المشاركين في هذا التقرير ليسوا متخصصين في قضايا الحريات.

وكان السفير الهولندي في عمان، هاري فيرفاي قد كشف في تغريدة الثلاثاء عن لقائه بوزير الإعلام الأردني فيصل الشبول، وقال إنهما بحثا القضايا ذات الهتمام المشترك، مضيفا بقوله “شاركت مخاوفنا بشأن تراجع ترتيب الأردن الدولي في مجال حرية التعبير”.

وقالت الخارجية الأردنية إن المملكة “لا تقبل التدخل في شؤونها الداخلية”، وإنها منفتحة على “الحوار الصريح.. عبر القنوات الدبلوماسية والاتصالات المباشرة”.

وتجاوزت أصداء تصريحات السفير الهولندي الأردن، إذ أعلنت وزارة الخارجية الإماراتية في بيان أنها استدعت السفير الهولندي لديها “وأبلغته احتجاج الدولة واستنكارها الشديدين.. على التدخل في الشؤون الداخلية للأردن”.

ووصفت الخارجية الإمارتية تصريحات السفير الهولندي في الأردن بأنها “غير مسؤولة وخارجة عن الأعراف الدبلوماسية.. والتي تعد تدخلا سافرا في الشؤون الداخلية الأردنية”.

تراجع مناخ الحريات

يقول الكاتب المحلل السياسي الأردني، عامر السبايلة” إن “هناك تراجعا واضحا لا يمكن إغفاله في حرية التعبير ومناخ الحريات بشكل عام في الأردن”، مضيفا في حديث لموقع “الحرة” أن هناك مؤشرات كثيرة على تراجع الحريات في المملكة، خاصة في ظل “ارتفاع الاعتقالات والملاحقات القضائية” المرتبطة بقضايا التعبير عن الرأي.

وأشار السبايلة إلى أن آخر التقارير الدولية التي تتحدث عن الحريات، تظهر تراجع الأردن على سلم الحريات في العالم.

وتقول هيومن رايتس ووتش في أحدث تقاريرها إن ممارسات السلطات الأردنية “ترقى إلى مستوى حملة ممنهجة لقمع المعارضة السلمية وإسكات الأصوات المنتقدة”.

ويشير الكاتب الصحفي، أحمد حسن الزعبي، إلى أن حرية التعبير في الأردن، لم تعد كما كانت عليه في السابق، “خاصة في ظل التبعات القانونية التي تلاحق الناشطين والصحفيين ومعتقلي الرأي”.

وتابع الزعبي أن إلقاء نظرة سريعة على بيئة العمل الصحفي الأردن من شأنها الكشف عن مستوى تراجع هامش الحريات في الأردن “إذ أن وسائل الإعلام أمام خيارات، إما أن تكتب بما لا يزعج الجهات الرسمية حتى تتمكن من العمل وتحافظ على مصادر دخلها من المعلنين، أو أن تعمل بشكل مستقل، وهو ما سيعني أنه سيتم ملاحقتك قضائيا وحتى التأثير على المعلنين للتأثير على مصادر دخل” الوسيلة الإعلامية.

ويرى الزعبي أن دور الهيئات التنظيمية خاصة في ما يتعلق بالإعلام أصبح يتجاوز “التنظيم ويتجه بشكل أكبر نحو الرقابة، إذ إنها ترسل إخطارات للنائب العام لتحريك دعاوى وقضايا ضد الناشرين وأصحاب وسائل الإعلام”.

وبحسب هيومان رايتس ووتش “تستخدم السلطات الأردنية أحكاما جنائية غامضة وفضفاضة، منها قانون العقوبات لسنة 1960، وقانون الجرائم الإلكترونية لسنة 2015، وقانون منع الإرهاب لسنة 2006، وقانون منع الجرائم لسنة 1954 لقمع حرية التعبير والتجمع”.

ولفتت المنظمة أن “إعلان حالة الطوارئ في أعقاب تفشي فيروس كورونا في 2020 أعطى رئيس الوزراء سلطات واسعة للإمعان في تقليص الحقوق المدنية والسياسية”.

وردا على طلب موقع “الحرة”، علق المكتب الإعلامي في رئاسة الوزراء الأردنية على الآراء الواردة في هذا التقرير قبل إنجاز، وقال في رسالة مقتضبة إن “المشاركين في التقرير ليسو إعلاميين متخصصين في التشريعات الإعلامية أو مؤشرات الحريات الصحفية”.

وأضاف “يبدو أن منطلقات التقرير مبنية على مواقف اتهامية مسبقة، وذلك واضح أيضا من طبيعة السؤال، والمادة تشير إلى مجرد الرغبة بتضمين تعليق حكومي، دون معالجة إعلامية موضوعية حقيقية”.

ترخيص الإذاعة والسفير الهولندي 

واستغربت الخارجية الأردنية في بيانها “تدخل السفير في معاملة طلب ترخيص إذاعة لشخص غير أردني وغير هولندي”، مشيرة إلى أنه “من غير المفهوم تدخل سفير يمثل دولة صديقة في قضية تحكمها القوانين والأنظمة”.

وقالت إن لقاء السفير الهولندي مع وزير الدولة لشؤون الإعلام كان “لقاء مجاملة”.

وتعود قصة ترخيص الإذاعة، إلى توقيع اتفاقية بين شبكة الإعلام المجتمعي ومؤسسة هولندية لتأسيس “إذاعة محلية غير سياسية تقدم خدمات توعوية لللاجئين” السوريين في مدينة المفرق شمالي العاصمة عمان، وفقا لبيان أصدرته الشبكة الخميس.

وذكرت في البيان إن الجهات الرسمية رحبت بالفكرة في حينها.

وأشارت الشبكة إلى أنه بعد ذلك وصلتهم إجابة “بأن طلب الإذاعة مرفوض”، وتم إعلام المؤسسة الهولندية الممولة للمشروع، وهي من قامت بالتواصل مع السفير الهولندي في عمان، والذي حاول بدوره الاستفسار عن مصير المشروع.

سحق المعارضة

وفي سبتمبر 2022، قالت منظمة هيومان رايتس ووتش في تقارير إن “السلطات الأردنية زادت من قمعها، حيث تسحق المعارضة باعتقال ومضايقة النشطاء والصحفيين واستخدام قوانين غامضة ومسيئة لتقييد الفضاء المدني في انتهاك للحماية القانونية الدولية”.

وأوضح التقرير أن السلطات الأردنية تقيد الحقوق الأساسية مثل العمل والسفر، بهدف إلغاء المعارضة السياسية.

وقالت مديرة الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش، لما فقيه “هناك ضرورة ملحة لمعالجة التدهور الحقوقي الذي نشهده في الأردن اليوم. لا يمكن أن يكون “الحفاظ على الاستقرار” مبررا لانتهاك حقوق الناس وإغلاق الحيز الذي يحتاج إليه كل مجتمع”.

وكشفت المنظمة أنها حققت في “30 حالة بين 2019 و2022 استخدمت فيها السلطات أحكاما فضفاضة تجرم القدح والذم لاعتقال واتهام المواطنين بسبب التعبير السلمي عن آرائهم السياسية على منصات التواصل الاجتماعي أو في التجمعات العامة”.

وفي ديسمبر 2021، خفض “مرصد سيفيكوس”، وهو منظمة تجمع البيانات عن وضع المجتمع المدني في 197 دولة، تصنيف الحيز المدني الأردني من “معوق” إلى “قمعي”.

ووفق تقرير “فريدوم هاوس 2022” تعتبر المملكة من بين الدول التي فيها “حرية جزئية”، وأشار التقرير إلى استمرار مقاضاة الصحفيين والنشطاء ومستخدمي شبكات التواصل الاجتماعي، إذ يتم ملاحقتهم بموجب عدة قوانين.

Scan the code