من جديد تعود أزمة الكهرباء لتطل وتهدد اللبنانيين بالعتمة الشاملة، ورغم ضآلة ساعات التغذية والتي لا تتعدى الساعتين إلى الأربع ساعات يومياً فإن إنقطاعها نهائياً يزيد من الاعباء على المواطنين وعلى المؤسسات، فأين الحل الآني اليوم وماذا عن الحلول الجذرية النهائية.
لا يرى الباحث الاقتصادي الدكتور محمود جباعي، أن “أزمة الكهرباء بجديد بل هي للأسف ليست كذلك بل تتجدد بشكل دائم منذ 30 عاماً إلا أنها تفاقمت في السنوات الأخيرة ، واليوم تقوم مرة أخرى الشركات المشغلة لمعملي دير عمار والزهراني بالتوقف عن العمل بسبب عدم حصولها على مستحقاتها بالدولار”.
ويوضح أن “وزارة الطاقة التي حصّلت الفي مليار تقريباً (2 ترليون ليرة) يجب أن تقوم بتبديلهم بالدولار ليتم دفعها إلى الشركات المشغلة، لكن برأيه لا تستطيع الحكومة اللبنانية اليوم أن تطلب تبديلهم فقط من مصرف لبنان لا سيما بعد فشلها بإصدار مشروع قانون للإستدانة من المصرف ضمن خطة واضحة، لأن المطلوب اليوم من المصرف تأمين حوالي 85 مليون دولار من أجل دفع الرواتب و35 مليون دولار مواد الطبية وأدوية، بالإضافة إلى تأمين حاجات القوى الأمنية والطلب منه أيضاً تأمين مبلغ يفوق مئتي مليون دولار للكهرباء، سيشكل عبئاً إضافياً عليه، لا سيما أن شركة الكهرباء تطلب منه تحويل كافة الاموال إلى دولار وهذا يفوق قدرته، ولن يتمكن من ذلك إلّا بشكل تدريجي لأن تأمينه بشكل سريع سيؤدي إلى انهيار نقدي لا محالة”.
ويؤكد أنهم “كخبراء يطالبون المصرف المركزي أن يستعمل المادتين 75 و83 من قانون النقد والتسليف لشراء الدولار عند الحاجة من السوق على أن يلتزم بالمادة 70 التي تجيز له إستعمال السوق لشراء الدولار من السوق لكن مع المحافظة على استقرار نقدي، وهذا الأمر يصبح مخالفاً إذا إهتز السوق لأن شراء كمية كبيرة من الدولار سيؤدي إلى قفزات عالية بسعر الصرف”.
ويرى أن “الحل السريع لهذه الازمة يكون عبر إستعمال الحكومة للسحوبات الخاصة sdr وتقوم بتمويل الكهرباء بالمرحلة الحالية، لكنه بالطبع هذا ليس بحل جذري. أما الحل الجذري برأيه هو تغيير كيفية الإدارة حيث يجب خصخصة قطاع الكهرباء الذي كلف الخزينة عشرات مليارت الدولارات وهذا المبلغ ذهب هباء منثوراً”.
ومن دون الدخول في حسابات سياسية بالموضوع، فإن جباعي يؤكد أن “القطاع أصبح بحاجة إلى كيفية تغيير إدارته والذهاب سريعاً إلى الخصخصة والاتفاق مع شركات عالمية في هذا الإطار ويمكن أيضاً القيام بشراكة بين القطاعين العام والخاص وإعطاء فرصة لشركات أجنبية لتعمل بشكل واضح وتحسن الجباية بشكل علمي وواضح أيضاً”.
ويلفت إلى أن “الضغط على مصرف لبنان لن يعطي نتيجة بل سيزيد الأمور تعقيداً لا سيما أن أزمة الكهرباء لن تنتهي مع تأمين السيولة بالدولار اليوم لأنها حتماً ستعود بعد شهرين أو أكثر إذاً الحل يجب أن يكون جذرياً، وأن يتم تغيير تصرف وزارة الطاقة بالمطلق بما يتعلق بالكهرباء لأن الفشل واضح وذريع ففي العام 2023 لم تستطع أن تؤمن أكثر من ساعتي كهرباء في اليوم”.
ويشير إلى “ما تقوم به دول العالم لانتاج الكهرباء بأقل كلفة ممكنة من خلال الطاقة البدلية إن كان من الشمس أو الهواء او المياه، لذلك يجب أن يتغير هذا النمط في العمل الحكومي مع ملف الكهرباء”.
ويحث جباعي القطاع الخاص اللبناني للعمل على هذا الموضوع أيضاً لانتاج الكهرباء، وإصدار تشريعات مشجعة للمواطن الذي يمتلك أراضٍ يمكن من إستغلالها إن لجهة الشمس أو الهواء في إنتاج الكهرباء”.
ويشدّد على “ضرورة الإسراع في الحل لأن الأعتماد على المصرف المركزي لشراء الدولارات سيمس جيوب كل المواطنين، وعلى الحكومة أن تجتمع سريعاً وتتخذ القرار بتغيير النمط القائم في ادارة الكهرباء وهو الحل الأمثل”.
ويختم جباعي، بأنه “لا يجوز تحميل المصرف المركزي مسؤولية إخفاق كافة السياسيات الإقتصادية والمالية في البلد، وآن الآوان للوزارات أن تتحمل مسؤولياتها وأن تكف عن الادارة السيئة للقطاع لأنها أهدرت مليارت الدولارات بدون فائدة”.